» تقارير
حروب القصور : ضرب مشروع ولي العهد الاقتصادي
2011-08-27 - 11:27 ص
رئيس الوزراء يؤدي اليمين الدستورية في الصافرية بعد تكليفه مجددا عام 2002م
مرآة البحرين (خاص): عمل الأمير سلمان بن حمد منذ بروزه على الساحة على معالجة العديد من القضايا التي كانت تنخر في جسد الوطن، وأبرزها الإقصاء المتبع للشيعة الذين يشكلون غالبية في البحرين في كل المجالات السياسية والاقتصادية، فما كان تحالفه مع الوزير السابق مجيد العلوي منذ أول لقاء في أحد مقاهي لندن نهاية التسعينيات إلا مؤشرًا على ذلك، ونجح في تحجيم المحاولات التي كانت تريد أن تحول دون تحقيق ذلك الهدف، والتي كان وراءها محور الشر المتحارب مع بعضه فلا رئيس الوزراء يريد هؤلاء الذين سيقفون له في كلّ شاردة وواردة ولا الأخوان السلفيان يريدان أن يكون للشيعة أي دور قيادي في البلاد، لذا لجأ ولي العهد إلى الاستعانة بالخبراء والمستشارين من الطرف الآخر، ما أزعج المحور الطائفي، سعى إلى أن يحوّل المملكة إلى وطن يزدهر بالحيوية الاقتصادية، فركّز على المجال الاقتصادي، وزرع همّ الوطن بدل التناحر الطائفي المعمول به طيلة سنين، بل استطاع أن يغيّر عقليّة بعض الشباب البحريني ويحوله من الهمّ السياسي إلى الهمّ الاقتصادي وقيادة المشروعات التّجارية.
محور الشر عائق كبير
استطاع أن يؤسس ولي العهد قاعدة حقيقية للانطلاق منها بمفاهيم صحيحة، وراح المحور الآخر يعزز لدى المعارضين شكوكا حيال نية ولي العهد الحقيقية من كلّ ما يحدث، ولكن ولي العهد استطاع في كل ما يفعله رغم سوء الحاشية التي حول بلاطه والمقربين منه، أن يستمر على نهجه الإصلاحي، إذ كانت نظرة ولي العهد واضحة ومعززة للدور الوطني، فكان يعترف للمقربين إليه ولغيرهم بأنّ المعارضة البحرينية هم أبناء الوطن، وما يطالبون به حقّ مشروع، وهم ليسوا تابعين لإيران ولا لغيرها، ولعل أبرز ما يدلّ على ذلك مقابلته في 2010 مع قناة العربية التي قال فيها كل هذا، ورفع حينها المعنويات لدى الطرف الذي كان يعاني من التهميش .
ولكن ماذا يفعل مع المحور الشرير من العائلة! هذا المحور الذي كانت تنتقده واشنطن في مراسلاتها وقالت عنه "إن آل خليفة المقرّبين من الأحزاب السنّية يجرّون السياسة الخارجية البحرينية في اتجاه لا يساعد. فقد نجحوا، على سبيل المثال، في ترتيب زيارة رسمية لزعيم حركة – حماس - خالد مشعل للمنامة، وهم يعارضون أيضاً التوافق مع الغالبية الشيعيّة، وغاضبون من العفو الملكي عن 178 معتقلاً شيعياً. ووزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد بن سلمان هو أحد هؤلاء المتشددين. وتنقل عن وزير الخارجية أنّه يرغب في الانفتاح على الإعلام الإسرائيلي، ويسعى إلى حثّ الملك على هذا الاتجاه. وثيقة" ويكليكس الوثيقة رقم 09MANAMA236، مصنّفة سرّية، بتاريخ 17/4/ 2009 .
خاسران آخران من الأزمة ولي العهد والاقتصاد
وتظهر المشاهدات الأولية أن الحرب الدائرة في البحرين كان الخاسر الكبير فيها مع الشعب هو ولي العهد؛ إذ إنه يلقى هجومًا عنيفًا من قبل العائلة والشعب معاً، فلم يعد يملك غير لقب سمو الأمير فقط، إنّه تحت الوصاية السّعودية، ومباشرة تحت عمه العجوز في رصد كافّة تحركاته التي لطالما انزعج منها ومقتها وحقد عليها.
وأكثر من ذلك فقد نُسفت إنجازاته الاقتصادية كلّها بتعمد، وكأن هناك من يتقصد ذلك، خلّفت الأزمة المستمرة في البلاد تدهورًا خطيرًا للاقتصاد البحريني، الاقتصاد الذي لم يتدهور أبّان الأزمة المالية العالمية التي أطاحت بكبريات المؤسسات المالية في أوربا وأمريكا، لمتانة القاعدة المالية في البلاد والتي بنت لنفسها - طيلة سنوات الإصلاح في ظل ولي العهد - مكانة ملحوظة، وأسست قاعدة صلبة معتمدة فيها على الشفافية ومحاربة الفساد المالي والإداري والمحسوبية، وكلّ ما يضر بالسّوق المالية، ونجحت حتى صارت البحرين مركزا ماليًّا مرموقاً في المنطقة.
ولا يزال الانهيار في الاقتصاد ساريًا في ظل تكتُم الحكومة على الأرقام الحقيقية التي تفضح هذا الأمر، بل نهجت كالعادة سياسة التلميع؛ إذ طالبت المسئولين التخفيف من حدّة الأزمة عبر تصريحات صحفيّة تقلل من حجم الأرقام وتخفي الحقيقية والكشف عن معدلات التدهور والعجز الذي تعاني منه الدولة، بل إنّ هناك من المسئولين من يستخف بالعقول، ويصرح قائلا إنّه ليس هناك ما يسوء، ونحن نطالبه بنشر الأرقام الحقيقية لميزانية الدولة لهذا العام للتصديق على ما يقول.
يؤمن محور الشر أن الحرب محركها الإعلام لكنها أساءت استخدامه لمحاربة شعب بأكمله، ها هي تستخدم الإعلام مرة أخرى لتفنيد ما ينشر من تقارير تبين واقع الاقتصاد البحريني، لمواجهة تقارير عالمية تتحدث عن أزمة مالية حقيقية تعيشها البحرين سوف تؤدي بها إلى أن تكون دولة فقيرة في حال استمرت الأزمة لعامين كاملين في ظل الظروف الحالية.
ومن جهة أخرى، تشير الأرقام إلى ارتفاع الرصيد القائم للديّن العام للبحرين بنسبة 20 بالمئة لعام 2011 بحسب أحدث بيانات مالية نشرها مصرف البحرين المركزي على موقعه لمارس 2011.
وبحسب البيانات فقد بلغ الرصيد القائم للديّن العام لعام 2011، الداخلي والخارجي، 2441 مليون دينار بحريني، والمدهش حقا أن الرقم لم يتغير منذ الربع الرابع من العام 2010 وحتى الربع الأول من العام الحالي، الأمر الذي يوحي بأنّ الاقتصاد لم يتغير جراء الأزمة التي تمرّ بها البحرين، ما يفقد الدولة الكثير من الثقة التي اعتمدت عليها للترويج لنفسها على أساس أنها تمارس الشفافية وتدعم سياسة الحوكمة .
بل المثير أن أغلب خانات العام 2011 في إحصائيات المصرف بدت خاوية، ما يولد التساؤل حول حقيقة هذه الأرقام، والهدف من إخفاء حقيقة نشاط اقتصاد الدولة المتهاوي، ويعزز قناعاتناأنّ الاقتصاد المحلي ليس بخير.
وبالرجوع إلى الرصيد القائم للديّن العام نرى ارتفاعًا متصاعدًا لم ينج منه اقتصاد الدولة منذ الأزمة المالية العالمية، نتوقع أن يتضاعف أكثر بكثير ممّا هو معلن، فالأزمة العالمية التي أثرت على اقتصاديات الدولة الصناعية لم تحلّ بثقلها على اقتصاد البحرين، ولكن بالطبع فإنّ الأزمة السياسية والأمنية العاصفة بالمملكة كانت أكبر بكثير في وقعها على اقتصاد الدولة؛ إذ إنّ كلّ شيء توقّف هاهنا ولا يهم زيف الأخبار، وأغلب العاملين الأجانب تركوا المملكة من غير عودة.
وبسبب تشابه آخر رقم لرصيد الديّن العام المذكور في 2011 للربع الرابع من العام 2010، فقد تمت المقارنة بين هذا الرقم وبين الرقم المذكور في الربع الثالث من العام 2010 والبالغ 2031 مليون دينار ليظهر لنا الفارق ارتفاعا نسبته 20% كما ذكر.
ولم تظهر الأرقام للعام 2011 أي من مجموع الإيرادات ولا المصروفات، والأهم لم تظهر أي أرقام تدلّ على الفائض أو العجز خلال العام الجاري؛ ما يؤكد بلا ريب أنّ الأمر يراد منه إخفاء الأرقام الحقيقية التي تبين نسبة تدهور الاقتصاد، كما ورد في عدد من التقارير الإخبارية للوكالات العالمية.
ماذا يدور في البلاط الملكي؟
ذلك من ناحية الاقتصاد، أما على الصعيد السياسي فإنّه يدور حديث مسرب بسرية تامة من دهاليز البلاط الملكي حول نية محور الشرّ تصعيد الأمور وفق استراتيجية (قطع رأس القط) وهي من الطقوس المتبعة لدى بعض القبائل العربية ليلة الزواج لإخافة العروس، هذا الوصف أطلقه أحد أقطاب المحور في جلسة تشاوريّة مغلقة بين أولئك المتطرفين في العائلة الحاكمة لتعزيز سياسة كانت متبعة منذ أعوام، مقنعين من حولهم أنهم يرمون إلى تعزيز الأمن عبر تطبيق سياسات الإقصاء لشعب مورس عليه إقصاءات مريرة منذ عشرات السنين، فشردوهم مهجرين منتشرين بين الدول القريبة والبعيدة، واليوم هناك خطّة أكثر صرامة في تهجير العقول البحرينية التي أفضى استشاريي القصر بأنها العقل المدبّر لجموع الحشود التي بزعمهم ما هي إلا غوغائيات تنقاد لقادة متطرفين.
فهناك حديث عن نية مبيّته لمحور الشرّ تنفذ خلالها بعض العمليات الدموية التي أشار بها عليهم الحاكم السعودي في البحرين، وهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما اغتيالات عشوائية يختلط بها الدمّ في صفوف المعارضة والموالاة على السّواء، سنة وشيعة ورفع شعارات الثأر، وإما اغتيالات لأمراء الإصلاح في العائلة الحاكمة؛ ليتم حيالها نشر الفوضى التي تمكنهم من انقلاب أبيض يفرض نفسه في ظل تلك الظروف.
ذلك النوع من السيناريوهات تواجهه بعض الصعوبة والتردد في لتنفيذ، بعد أن فشلت مثل هذه العمليات في تحقيق أهدافها في العراق ولبنان وكانت إيران الرابحة فيها، ولأسباب أكثر قوة وهي لقرب البحرين من السعودية التي يخاف بعض صناع القرار هناك، أن تصل إرهاصات التأزيم إلى البارود السعودي الذي ينتظر شرارة للاتقاد.
وقيل إنّ ولي العهد لديه علم بما يدور من تلك الخطط الدموية، الأمر الذي جعله يسافر للغرب الداعم لسياساته بقوة؛ ليضعهم في الصورة؛ مما استدعى تأجيل العمليات التي ستؤدي بمرتكبيها إلى الفشل بعد أن علم بها النظامان الأمريكي والانجليزي اللذان هددا بدورهما السعودية من مغبة أيّ فعل من هذا القبيل، وبسبب شك الأمريكان بنوايا السعودية، دار حديث حول نقل أسطولها الخامس إلى قطر المستقرّة مؤقتا، ليتم نقلها بعدها إلى إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، ولكنّ وفدًا سعوديًا رفيعًا طمأن الأمريكان بتعهدات تضمن مشاركتهم في أي عملية قادمة، وبالطبع فإن هذا الفعل لولي العهد أحدث شقاقًا وخناقًا في مجلس العائلة الحاكمة، هُدِد على إثرها الملك بضرورة لجم لسان ابنه وإلا...
وفي سبيل إرضاء الأطراف - وكخطوة أخرى للفت النظر عمّا يجري في البحرين - تحولت السياسات الدولية لشجب ما يحدث لسوريا، وهي مؤامرة أخرى على البحرين بعد أن دخلت الجزيرة كإعلام على خطّ البحرين المحظور، وتبنت تجارب في سوريا كانت سيناريوهات معدّة للمشهد البحريني إلا أن البحرينيين أفشلوها من دون أن يعلموا ذلك، ولكنّ تلك السيناريوهات جاهزة للتنفيذ في أي وقت.
ما يرعب محور الشر اليوم - وما لم يحسب له حساب - هو دخول الجزيرة على خط الأزمة البحرينية بعد أن لعبت الدولارات السعودية دورا مهمًا لإسكات القنوات العالمية المتحدثة باللغة العربية عن ذكر البحرين، وأهمها قناة البي بي سي العربية، وبروز الجزيرة اليوم - والتي يثمن أولئك المتطرفون قدرتها على إنجاح أي ثورة عربية - بعثر خططهم، وبعد يومين من الصّخب الإعلامي في المواقع الاجتماعية على الطريقة التي يقودها أشبال وزهرات فواز بن محمد، يقودها كفريق إعلامي ضدّ ثوّار البحرين، متوقع أن يصنع نجاحه الوهمي ويؤلب شعوب الخليج ضد قطر، كما نجح في تأليب السنة ضد الشيعة، هنا كان الهجوم على القيادة القطرية، ولكن القطريين الذين يعرفون اللعبة البحرينية القذرة، كانوا لهم بالمرصاد، فكانت النتيجة سيئة للغاية بعد توعّد القطريين بالمزيد من التقارير التي يحتفظ بها فريق الجزيرة الإنجليزية في الأدراج، كتلك التي تبرز المستور، ما أجبر الساسة البحرينيون على الاعتذار في الخفاء والعلن، وقد ظهر فواز بن محمد يتوعد أي تحرك مسيء لأي رئيس أو مسؤول دولة شقيقة أو صديقة، وبعد تدخل سعودي سريع في ظل تحركات شعبية معارضة للحكم السعودي قد تقود لحملات انتقام وتشفي من قبل القطريين وتؤدي بهم إلى "الخلع".
قد تساهم تلك "الفرية" بين الأشقاء في قلب الطاولة على النظام السعودي في الأيام القليلة القادمة، ويتمكن القطريون حيالها من الاقتصاص، بتمرير خططهم على مستوى المنطقة ويتسيدون المنطقة فتنقلب الأمور.
فتطور الأحداث مرهون بكل ذلك وقد يكون سريعا، أو يتباطأ في ظلّ المصالح، ويظلّ تبني السعودية للقرار والقيام بدور الوصيّ للتحكم في البحرين سواء على مستوى الحكم أو على مستوى العلاقات، هو ما يعتمد عليه محور الشر في تطويق المملكة بأذرعهم، والتحكم في الشعب وزيادة اضطهاده تحت ستار الطائفية، ويساعدهم في بسط السيطرة قيام السعودية بشراء ذمم السكوت الأممي، وذمم الإعلام الشرق أوسطي ومحاولة تنشيط الدور الإيجابي في الإعلام العالمي بعد فشل شرائه، ما يجعلهم في حيرة التصرف مع الجارة "العاقة" قطر في هذا الملف بالذات.. وستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا..