» تقارير
تطهير البلديات: خارطة الوزير الكعبي وقبضة وكيله الشيخ.. 1-2
2011-08-24 - 2:31 م
مرآة البحرين (خاص): بعد بسْط يد العسكر في البلاد، تحوّلت كل الوزارات إلى ساحات تطهير . لا تختلف القصص إلا في الأسماء وطرائق الاجتثاث والمكارثية. ولأن هجوم العسكر كان مقرونا بحملات متنوعة من الكذب والطائفية والجنون، فقد كان طبيعيا أن تصبح المكارثية في وزارة البلديات عنوانا لكل حفلات "الزار" التي تراقص فيها الفاشيون الجُدد.
خاب ظن البعض ممن استبشر بمجيء جمعة الكعبي إلى سدّة الوزارة. ظنوا أن الصراعات المريرة التي خيّمت على الوزارة ستصبح نسيا منسيا. العملية التجميلية التي اختبأ خلفها الكعبي سرعان ما انتهت، وأظهر وجهه الحقيقي، وقادَ بنفسه حملة التطهير في الوزارة، ومدفوعا كالعادة بسعار طائفي ممنهج باشرت جمعيتا المنبر الإسلامي والأصالة تغذيته بالمخبرين وبفن الوشاية والاتهامات المفبركة، وكان للوكيل المساعد محمد نور الشيخ الدور الأسود في ذلك.
منْ هو العكبي؟
الطريق التي سلكها الكعبي باتجاه كرسي الوزارة، هي نفسها الطريق التي تعتمد عليها جماعات المافيا الطائفية. ففي البدء يتم تقديم النفس رخيصةً لأجل المنصب، وبعدها تبدأ عمليات الانتقام من الذات من خلال تصفية الآخرين. وبين هذا وذاك، تُعقد التحالفات ويتم تبادل الوعود الطائفية.
البداية كانت مع قصة جزر حوار، حيث كانت القضية في عام 1999م محل نزاع بين البحرين وقطر على مستوى المحكمة الدولية. وقتها كان الكعبي مديرا عاديا في شؤون البيئة، وقد وجده جواد سالم العريض، نائب رئيس مجلس الوزراء والمعني بملف النزاع الحدودي، مادةً مفيدة في تقوية الملف أمام المحكمة. كان المطلوب شهادات يُقدّمها أشخاص وُلدوا في جزر حوار لإثبات تبعية الجزر للبحرين، وكانت عائلة الكعبي التي تقطن منطقة عسكر الخيار الأفضل، فبادرت إلى ترشيح ابنها الدكتور الكعبي للإدلاء بالشهادة أمام المحكمة، وكان المقابل وعدا بالتوزير في أقرب تغيير وزاري.
بعد شهادته مباشرة، حصل الكعبي على قطعة أرض واسعة (غير مخطّطة) في منطقة البسيتين. وكانت تلك بداية الترفيع "الضوئية" وبإحاطة من اللوبي الطائفي الذي ارتبط به مبكرا. بعد إعلان الملك لمشروعه الإصلاحي، كان نصيب الكعبي جاهزا، حيث يُعيّن وكيلا للوزارة التي كانت تحمل وقتئذ اسم شؤون البلديات والزراعة، وكانت إدارة التخطيط العمراني تابعة لمكتب وكيل الوزارة، أي الكعبي نفسه. ومن فوره، عمِد إلى تخطيط الأراضي التي وُهبت له، ليقوم ببيعها لاحقا في إطار سوق الاستثمار العقاري، وأرفق ذلك بالتخلص المشبوه من الوكيل المساعد للتخطيط العمراني وقتها، الدكتور فائق منديل، تحت غطاء إحالته على التقاعد المبكر.
أُصيب الكعبي وفريقه الطائفي بخيبة أمل عندما قُلّد محمد علي الستري وزارة البلديات. كان ينتظر الوعد بفارغ الصبر. لم يلبث الستري طويلا، حيث مُنح حقيبة العدل، وجيء بعلي صالح الصالح إلى وزارة البلديات.
اندفع الكعبي لنسج تحالفات طائفية على وقع التغيرات الوزارية المتتالية، وأظهر بشاعة الإيعاز الطائفي في علاقاته داخل الوزارة وخارجها، لاسيما المجالس البلدية التي نسج خطوطه معها وفق المصالح والوعود الشخصية المتبادلة. في هذه الأثناء، تجرّع العكبي خيبة جديدة، حيث كان ينتظر فرج الوزارة بعد نقل الصالح إلى رئاسة مجلس الشورى، إلا أنه تنفّسه الصعداء انتهى بصاعقة عليه وعلى فريقه الطائفي، حيث فرضت التوازنات آنذاك منصور بن رجب وزيرا للبلديات رغما عن محاولات ابن عم الكعبي الذي يعمل سكرتيرا خاصا للملك.
تسبّب التغيير الأخير في ذوبان الكعبي داخل محيط تحالفاته ذات الأطماع الطائفية، واضطر لعقد اجتماع عاجل مع رؤوساء المجالس البلدية التي يسيطر عليها السلف والإخوان المسلمون (المنبر والأصالة). الاجتماع عُقد بحضور كلٍّ من محمد حمادة رئيس مجلس بلدي المحرق، وعلي المهندي رئيس مجلس بلدي الجنوبية، وعبدالرحمن الحسن رئيس مجلس بلدي الوسطى، وكان جوهر الاتفاق هو العمل سويةً من أجل إزاحة بن رجب، وتهيئة الطريق لوصول الكعبي.
اقتضى الاتفاق إبرام اتفاقات متبادلة لتأكيد التحالف الطائفي من جهة، ولإعداد الأجواء المناسبة للتغيير الوزاري المأمول من جهة أخرى. وكان من شروط الاتفاق تعيين يوسف الغتم مدير عام بلدية المنطقة الوسطى، وهو المنصب الذي كان يشغله المهندس عبدالكريم حسن، على أن يتم نقل الأخير إلى بلدية المنامة أو البلدية الشمالية أو التخلص منه بأي ثمن.
تكشف هذه الجزئية الجانب المُظلم الذي يسكن الكعبي وفريقه، وهي الظلامية التي ستعم الوزارة حينما يُعطى الإشارة من السلطة العسكرية بعد ذلك. لم تستطع جهود الكعبي إزاحة عبدالكريم حسن نهائيا في ذلك الوقت حيث عُرف بكفاءته في العمل البلدي، ولكنه تكفّل بنقله إلى بلدية المنطقة الشمالية، وجاء بظل آخر من ظلال جمعية المنبر الإسلامي وهو يوسف الغتم، والذي كان يشغل إدارة الخدمات الفنية في المنطقة الشمالية. وقد تدخّل صلاح علي (عضو الشورى والإخواني اللّصيق بمشاريع السلطة الطائفية) لأجل تثبيت الغتم، وذهب برفقة عبد الرحمن الحسن لرئيس الوزراء بهذا الغرض، وطلبا منه الحفاظ على التوازن الطائفي داخل الوزارة، وقدما له أوراق الغتم.
لن يتأخّر الغتم في أداء دوره الإقصائي، فعندما حلّ في بلدية المنطقة الوسطى وبعدها بلدية المنامة، كان جلّ اهتمامه ينصب على إزاحة الكفاءات على أساس طائفي بغيض والالتفاف عليها، وهو جزء من التأسيس التطيهري الذي ستتكئ عليه فورة المكارثية بعد إعلان الطورائ وإطلاق العنان لارتكاب أبشع الانتهاكات داخل وزارات الدولة.
البداية كانت مع قصة جزر حوار، حيث كانت القضية في عام 1999م محل نزاع بين البحرين وقطر على مستوى المحكمة الدولية. وقتها كان الكعبي مديرا عاديا في شؤون البيئة، وقد وجده جواد سالم العريض، نائب رئيس مجلس الوزراء والمعني بملف النزاع الحدودي، مادةً مفيدة في تقوية الملف أمام المحكمة. كان المطلوب شهادات يُقدّمها أشخاص وُلدوا في جزر حوار لإثبات تبعية الجزر للبحرين، وكانت عائلة الكعبي التي تقطن منطقة عسكر الخيار الأفضل، فبادرت إلى ترشيح ابنها الدكتور الكعبي للإدلاء بالشهادة أمام المحكمة، وكان المقابل وعدا بالتوزير في أقرب تغيير وزاري.
بعد شهادته مباشرة، حصل الكعبي على قطعة أرض واسعة (غير مخطّطة) في منطقة البسيتين. وكانت تلك بداية الترفيع "الضوئية" وبإحاطة من اللوبي الطائفي الذي ارتبط به مبكرا. بعد إعلان الملك لمشروعه الإصلاحي، كان نصيب الكعبي جاهزا، حيث يُعيّن وكيلا للوزارة التي كانت تحمل وقتئذ اسم شؤون البلديات والزراعة، وكانت إدارة التخطيط العمراني تابعة لمكتب وكيل الوزارة، أي الكعبي نفسه. ومن فوره، عمِد إلى تخطيط الأراضي التي وُهبت له، ليقوم ببيعها لاحقا في إطار سوق الاستثمار العقاري، وأرفق ذلك بالتخلص المشبوه من الوكيل المساعد للتخطيط العمراني وقتها، الدكتور فائق منديل، تحت غطاء إحالته على التقاعد المبكر.
أُصيب الكعبي وفريقه الطائفي بخيبة أمل عندما قُلّد محمد علي الستري وزارة البلديات. كان ينتظر الوعد بفارغ الصبر. لم يلبث الستري طويلا، حيث مُنح حقيبة العدل، وجيء بعلي صالح الصالح إلى وزارة البلديات.
اندفع الكعبي لنسج تحالفات طائفية على وقع التغيرات الوزارية المتتالية، وأظهر بشاعة الإيعاز الطائفي في علاقاته داخل الوزارة وخارجها، لاسيما المجالس البلدية التي نسج خطوطه معها وفق المصالح والوعود الشخصية المتبادلة. في هذه الأثناء، تجرّع العكبي خيبة جديدة، حيث كان ينتظر فرج الوزارة بعد نقل الصالح إلى رئاسة مجلس الشورى، إلا أنه تنفّسه الصعداء انتهى بصاعقة عليه وعلى فريقه الطائفي، حيث فرضت التوازنات آنذاك منصور بن رجب وزيرا للبلديات رغما عن محاولات ابن عم الكعبي الذي يعمل سكرتيرا خاصا للملك.
تسبّب التغيير الأخير في ذوبان الكعبي داخل محيط تحالفاته ذات الأطماع الطائفية، واضطر لعقد اجتماع عاجل مع رؤوساء المجالس البلدية التي يسيطر عليها السلف والإخوان المسلمون (المنبر والأصالة). الاجتماع عُقد بحضور كلٍّ من محمد حمادة رئيس مجلس بلدي المحرق، وعلي المهندي رئيس مجلس بلدي الجنوبية، وعبدالرحمن الحسن رئيس مجلس بلدي الوسطى، وكان جوهر الاتفاق هو العمل سويةً من أجل إزاحة بن رجب، وتهيئة الطريق لوصول الكعبي.
اقتضى الاتفاق إبرام اتفاقات متبادلة لتأكيد التحالف الطائفي من جهة، ولإعداد الأجواء المناسبة للتغيير الوزاري المأمول من جهة أخرى. وكان من شروط الاتفاق تعيين يوسف الغتم مدير عام بلدية المنطقة الوسطى، وهو المنصب الذي كان يشغله المهندس عبدالكريم حسن، على أن يتم نقل الأخير إلى بلدية المنامة أو البلدية الشمالية أو التخلص منه بأي ثمن.
تكشف هذه الجزئية الجانب المُظلم الذي يسكن الكعبي وفريقه، وهي الظلامية التي ستعم الوزارة حينما يُعطى الإشارة من السلطة العسكرية بعد ذلك. لم تستطع جهود الكعبي إزاحة عبدالكريم حسن نهائيا في ذلك الوقت حيث عُرف بكفاءته في العمل البلدي، ولكنه تكفّل بنقله إلى بلدية المنطقة الشمالية، وجاء بظل آخر من ظلال جمعية المنبر الإسلامي وهو يوسف الغتم، والذي كان يشغل إدارة الخدمات الفنية في المنطقة الشمالية. وقد تدخّل صلاح علي (عضو الشورى والإخواني اللّصيق بمشاريع السلطة الطائفية) لأجل تثبيت الغتم، وذهب برفقة عبد الرحمن الحسن لرئيس الوزراء بهذا الغرض، وطلبا منه الحفاظ على التوازن الطائفي داخل الوزارة، وقدما له أوراق الغتم.
لن يتأخّر الغتم في أداء دوره الإقصائي، فعندما حلّ في بلدية المنطقة الوسطى وبعدها بلدية المنامة، كان جلّ اهتمامه ينصب على إزاحة الكفاءات على أساس طائفي بغيض والالتفاف عليها، وهو جزء من التأسيس التطيهري الذي ستتكئ عليه فورة المكارثية بعد إعلان الطورائ وإطلاق العنان لارتكاب أبشع الانتهاكات داخل وزارات الدولة.
خيوط الكيد الطائفي كانت حاضرة في سيرة الكعبي الذي هندس تحالفاته مع الإخوان والسلفيين بناء على عاملي المصلحة الشخصية والنزوع الطائفي المقيت. على هذا النحو بنى تحالفاته مع جمعيتي المنبر والأصالة من خلال العناصر المحسوبة عليها في الوزارة. وقد التقت مصالح الفريق على إسقاط بن رجب وإخراجه بأكبر قدر ممكن من الخسائر المادية والمعنوية. في هذا الإطار، تولّى الكعبي وبمعونة محمد نور الشيخ (شقيق الأمين العام لجمعية المنبر الإسلامي عبداللطيف الشيخ) اختراق مكتب الوزير بن رجب، وزرع شبكة تجسس حول الأخير، هدفها الحصول على المعلومات الكفيلة بإدانة بن رجب وتقديمها بين يدي نواب المنبر والأصالة لاستجوابه في البرلمان. وقد تمّ للكعبي وعصابته في الوزارة والبرلمان ما أرادوا، وجرى تعيين الكعبي وزيرا للبلديات محاطا بجملة من الوعود والقرارات المعدة فوق طاولة التحالفات السرية، وكان الوكيل محمد نور الشيخ العصا السحرية في إمضاء الوعود وتسيير العمليات المتفق عليها.
من هو محمد نور الشيخ؟
يحمل محمد نور إرثا شخصيا بغيضا. فهو شقيق أمين عام المنبر الإسلامي الذي سقط في انتخابات 2010 بسبب أصوات قريتي النويدرات والمعامير، حيث يحمّله الأهالي مسؤولية التلاعب بإسكان النويدرات (امتدادات القرى) وحرمان أهالي القرى الأربع (النويدرات، العكر، سند،المعامير) منه لصالح المحسوبين على دائرته ومجموعات المجنسين التي تملك حضورا فاعلا فيها.
من خلال شقيقه عبداللطيف الشيخ، امتدت أيدي محمد نور إلى مفاصل مؤثرة في جمعية الإخوان ونوابهم، واعتبره مراقبون صاحب اليد العامرة على قاعدة الجمعية وقيادتها، وهو أمر ترسّخ مع نفوذه الآخر داخل جريدة الوطن، حيث تم الاتفاق على إخراج ملفات صحفية لأجل الابتزاز الشخصي وإثارة الهواجس الطائفية في الوزارة. بفضل ذلك، تعاظمت السلطة الرمزية والمادية لمحمد نور، وبات يُحاط بحصانة طائفية منيعة، حالت دون مساءلته أو استجوابه برغم المخالفات المالية التي ارتبط اسمه بها بحسب ما ورد في ديوان الرقابة المالية، فاستمر ممسكا بأهم مفاصل الوزارة في إدارتي المالية والإدارية.
من خلال هذه الخلفية، مارس محمد نور أسوأ أدواره خلال عمليات التصفية الطائفية الجارية حتى الآن. وبالنظر إلى مؤهلاته وخبراته وعلاقاته، فقد كان من الطبيعي أن يُشرف بنفسه على مهمة ملاحقة الموظفين ومعاقبتهم طائفيا، وبالاستفادة من الحملة الرسمية التي أعطت الضوء الأخضر.
كيف تكوّنت لجان التفتيش؟ ومن الشخصيات التي وقفت وراءها؟ وكيف أدارت مهمتها المكارثية في وزارة البلديات؟
- ← التفاصيل في الحلقة المقبلة..