نقطة نظام، كيلا يسقط النظام
إيمان شمس الدين - 2011-08-11 - 3:42 م
إيمان شمس الدين*
حينما نرفع شعار حرية التعبير ونمارس كل أنواع الازدواجية الإعلامية بعين واحدة تحت هذا الشعار، فنزوّرالحقائق ونقلب الصورة بل نشوهها في كثير من الأحيان وتمتد أذرعنا الإعلامية في ازدواجها لتضرب كل محاولة إعلامية تخالفنا في الرأي أو تكشف خداعنا وزورنا للرأي العام، فإن ذلك لا يمكن تسميته إلا نفاقا يظهر شعار الحريات كالحمل الوديع بابتسامة صفراء ويبطن الخبث والقمع والاستبداد.
فحسنا فعلت قناة الجزيرة الإنجليزية التي تمحو بحسناتها سيئات القسم العربي في حق الثورة البحرينية، حينما سلطت الضوء على أحداث الثورة البحرينية بشكل مختصر ومكثف كشفت فيه بشاعة ما يحدث في البحرين من قبل السلطات البحرينية في حق شعب، لم يمارس إلا حقه الدستوري في التعبير السلمي عن مطالبه التاريخية بالإصلاح السياسي.
ولم يقتصر هذا الفيلم الوثائقي على كشف جرائم السلطة البحرينية بل كشف عن زيف الادعاءات التي تدعيها هذه السلطة في احترامها لحرية التعبير حيث ثارت ثائرتها وأصدرت أوامرها لأذرعتها الاخطبوطية كالمعتاد للبدء بحملة مضاده ضد قطر ردا على فيلم يظهر حقيقة هذه السلطة.
ورغم أن الملك في خطابه الأول الذي أدلى به بعد الأحداث الأولى التي سقط فيها شهيدان أقرّ بحق الشعب في التعبير السلمي واستنكر هدر الدماء وطالب بفتح تحقيق في الموضوع إلا أن ما نراه على أرض الواقع مغاير تماما لحشو الكلام.
ولعل حادثة قناة الجزيرة الانجليزية تكشف لنا عن حقيقة ما يحدث في أروقة النظام من صراع حقيقي بين أجنحته حول آليات الحكم وكيفية مواجهة المعترضين، وما زيادة وتيرة القمع الأخيرة إلا مؤشر واضح على هذا الصراع وهذا التخبط الذي بدا فيه أقدم رئيس وزراء في العالم مستشعرا قرب وضع رقبته على مقصلة الجوكر الذي سيقدم كقربان للابقاء على النظام وتقديم تنازلات محدودة للمعارضة لإعادة الهدوء للبلاد .
فما تقوم به البحرين اليوم إعلاميا بحق كل من يخالفها الرأي ويكشف عن حقائق تم تزويرها لا يطلق عليه إلا إرهاب دولة.
فكيف يرتضي رأس السلطة بهذه الممارسات في وقت يقر بممارسة اعتبرها حق أصيل للشعب وهي حق التعبير السلمي؟بل هو ما تعاعد عليه في الدستور والميثاق كحاكم مع شعبه؟
وباسم من يتحرك ديوانه ليمنع بث برامج في دول مجاورة كما حدث مع قناة خليجية تدخل فيها الديوان الملكي طالبا إيقاف إعادة بث لقاء مع أكاديمي خليجي كشف الزيف البحريني بعقلانية واتزان، واستقطب كثير من الاتصالات في البحرين ألبت الرأي العام عليهم ؟
وباسم من تتحرك الدبلوماسية البحرينية لضرب جيرانها والقيام بحملة تشويه ضدهم لمجرد طرح فيلم موثق بالأدلة الحقيقة لما يجري بالبحرين ؟
هل هو صراع الكبار لأجل البقاء، صراع حلبته الشعب البحريني فيظهر كل طرف قوته على الآخر بالضرب على رأس هذا الشعب؟ أم هو تكامل أدوار تقوده سياسة العصى والجزرة فأيهما يصيب تعم فائدته فيضمن بذلك بأي وسيلة بقاء العائلة على سدة الحكم؟ فيمارس طرف سياسة الجزرة والآخر سياسة العصا
فهل سيكون هذا الفيلم بمثابة نقطة النظام التي يجب أن يقف عندها النظام ليعيد حساباته من جديد؟ لا بد من نقطة نظام، كيلا يسقط النظام، فلا يمكن لراع أن يقود دون شعب، علما أن قناعات الأمس تغيرها أحداث اليوم فما كان يقبل به الشعب قبل أشهر لم يعد اليوم مقبولا لديه فهل من أذن واعية؟
*كاتبة كويتية