» رأي
البوفلاسة مثل العشق ما ينقسم نصين
أنور الرشيد - 2011-07-26 - 5:42 م
الجمهور يردد شعارات الوحدة الوطنية، وفي الإطار (البوفلاسة يبكي متأثرا)
أنور الرشيد* أفرج يوم أمس عن المعتقل محمد البوفلاسة في مملكة البحرين بعد احتجاز دام أكثر من أربعة شهور على أثر مشاركته بدوار اللؤلؤة أبان انتفاضة 14 فبراير التي أخرجت الشعب البحريني عن بكرة أبيه للمطالبة بالحرية و الديمقراطية، و كعادتها السلطة استخدمت بكل وضوح السلاح الطائفي ونجحت به وشقت المجتمع البحريني إلى فسطاطين، فسطاط السنة الذين أوهمتهم بأن الشيعة سوف يستولون على السلطة و الامتيازات التي يتمتعون بها سوف تسحب منهم، وفسطاط الشيعة الذين سيحولون البحرين إلى نظام ولاية الفقيه التابع لإيران، هذا هو السلاح الذي أستخدمه النظام لكي يضمن وقوف السنة معه، ولكن هل نجحت هذه الخطة أو هذا السيناريو؟ أو هل انطلى هذا السيناريو على الشعب البحريني وصدقه؟
كل المؤشرات التي تم رصدها تشير على العكس من ذلك، أولها هو الاستنجاد بالقوات السعودية، أي حينما عيت الحيلة عن إقناع الجماهير بالبعبع الطائفي، كان لا بد من استخدام القوة وهذا ما حصل ولا زال يحصل، وعلى الرغم من كل الدعاية والإيحاءات والتسريبات والإشاعات التي مررت بطول وعرض الشارع البحريني إلا أنه أستطاع أن يتجاوز كل هذه السيناريوهات التي أعدت من قبل النظام وأجهزته البالية.
الإفراج عن البوفلاسة واستقبال الجماهير له بهذا الاحتفاء الباهر بالزغاريد والشعارات التي رفعت خصوصا الشعار الذي صدحت به حناجر الجماهير الذي يقول: إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه، كان في حقيقته رد على ممارسات السلطة، وهي رسالة يجب على المسئولين أن يعوا أهميتها، وهي تعني رفض الجماهير لهذه السياسة العقيمة، ويكفي هذا للرد على كل المتكسبين على حساب الشعب البحريني، فهذه الجماهير الغفيرة التي خرجت لاستقبال البوفلاسة كأحد الفاتحين هو انتصار للشعب البحريني على أعداء الديمقراطية والحرية.
البوفلاسة لا يمثل السنة ولا يمثل الشيعة وإنما كان يمثل رجل الشارع العادي البسيط الطيب، هو مثل رائعة علي بحر:مثل العشق ما ينقسم نصين. وهو بهذا العشق يمثل ضمير أهل البحرين الذي لم يتلوث بالأموال الحرام التي تتدفق على بائعي الذمة والضمير بسوق النخاسة الوطنية. لا، ومن فلوسي أنا الموطن الخليجي، نعم فلوسي من جيبي من العشرة مليارات التي خصصها مجلس التعاون الخليجي عطي الله الذي لم نر منه إلا التنقل بالبطاقة الشخصية وإن زعلوا عليك لأي سبب حتى وإن كان سببا تافها ما يدخلونك وإن زعل مسئول على آخر، أوقف العمل بالبطاقة، كما حصل بين الإمارات والسعودية، فتورط المواطنون من كلا الدولتين من الذين عبروا إلى الجهة الأخرى بالبطاقة، ولم ينقذهم سوى إرسال أهاليهم جوازاتهم لكي يخرجوا بها.
أرجع وأقول فلوسي، لأنها استقطعت من أموالنا كخليجين بحجة توفير فرص عمل للشباب البحريني ولكن الذي حصل تم توزيعها على الشلايتية، وتعبير الشلايتية للذي لا يعرفه يقابله بالمصري البلطجية وفي اليمني البلاطجة وفي سوريا الشبيحة، أما نحن في الخليج فنسميهم الشلايتية، وتسربت بعض الأخبار بأن كل العساكر الذين شاركوا بقمع انتفاضة الرابع عشر من فبراير حصل كل واحد، على أربعين ألف دينار يعني أكثر من مائة ألف دولار، من أين؟ أليس من العشرة مليارات.
المهم البوفلاسة ومنيرة فخرو وإبراهيم شريف وسامي سيادي وغيرهم الكثير من السنة، هم من كسروا سيناريو تقسيم المجتمع البحريني إلى فسطاطين، فالمسألة في البحرين والصراع الدائر بها ليس صراعا طائفيا، كما تحاول السلطة أن تستثمره وإنما صراع سياسي بين معارضة وموالاة، معارضة تطالب بحقها بالديمقراطية ومزيد من الحريات وتداول سلطة، وموالاة يدافعون عن فتات امتيازات منحتهم إياه السلطة لكي يدافعوا عنها، والتي هي بالنهاية مصالح السلطة وامتيازاتها التي تستأثر بالهبرة الكبيرة.
هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع فالصراع لم ولن يكون في يوم من الأيام في البحرين صراعا طائفيا، يكفي أن نتذكر في بداية الاستقلال حينما طالب شاه إيران بضم البحرين لإيران وأجرت الأمم المتحدة استفتاء تقرير مصير، كان رأي الأغلبية الساحقة الرفض والتمسك بعروبة تلك الجزيرة التي ابتليت بما هي به من صراع سياسي، وجل سببه هو الاستئثار بالسلطة والثروة، أقول بالنهاية لمحمد البوفلاسة والله أنك يا محمد رفعت رأس أهل البحرين كلهم بسنتهم وشيعتهم ومسيحيهم ويهودهم، وأنك مثلت ضمير البحرين الحقيقي، مثلت روح الرجل البحريني الجالس على السيف ينظر لقرقوره، وينشد حظ الفقير بالبحر ورزقه في قرقوره، غير مبال بتداعيات هذا الموقف عليك من بطش السلطة وتركت رزقك في القرقور الذي سيكون به رزق وفير للمستقبل وللأجيال القادمة، بكل تأكيد وغير ذلك ما هو إلا زيف وتزيف للواقع والحقيقة.
Zwayd2007@gmail.com
*الأمين العام لمنتدى مؤسسات المجتمع المدني الخليجي.
** ينشر في مرآة البحرين بالتزامن مع موقع منتدى حوار الخليج.