» رأي
الاعتذار
علي مطر - 2011-07-19 - 6:28 ص
علي مطر*
يقول شيخ عبداللطيف المحمود "أطالب باعتذار علني واضح من جمعية الوفاق وجمعية العمل ومن بقية الجميعات السياسية الخمس كانوا يعلنون طلب الإصلاح بالأقوال ويعملون على قلب نظام الحكم بالأفعال "
ويقول محمود درويش :
" لا تعتذرْ عمَّا فَعَلْتَ – أَقول في
سرّي . أقول لآخَري الشخصيِّ :
ها هِيَ ذكرياتُكَ كُلُّها مرئِيّةٌ " درويش
هناك فرق بين قلب نظام الحكم، وبين المطالبة بإسقاط نظام الحكم، قلب نظام الحكم مهمة ينجزها العساكر والانقلابيون، والمطالبة بإساقط نظام الحكم مهمة ينجزها الشعب بنظالاته المدنية . وذكرياتنا كلها مرئية في الدوار، ليس هناك ما يحاك في الخفاء، لنعتذر عنه، كما يفعل الانقلابيون في مؤامراتهم ، هناك وجوه مكشوفة تسطع عليها الشمس وكاميرات إدانة السلطة التي تحوّل حق المشروع ذنوبا وجرائم تستحق الاعتذار والعقاب .
هناك في التلفزيون المعد كمنصة محكامة يسيطر عليها المُدّعون الذين هم أنفسهم القضاة، ويغيب عنها المحامون، هنا مطلوب من الرياضي أن يعتذر، ومن مديري الشركات الكبرى أن يعتذروا، ومن الجمعيات السياسة والقادة السياسيين والدينيين أن يعتذروا، ومن النواب البرلمانيين وأعضاء مجلس الشورى، أن يعتذروا، مطلوب من شعب اختصر في طائفة أن يعتذر . مطلوب منك ( أيا تكن ) أن تحضر لتقدم في تلفزيون السلطة استغفارك، هناك لجنة محاكمة تستوثق من أقوالك وتكشف تناقضاتك،وتستجوبك حول تفاصيل الذنب وملابساته، فيتم الحكم على صدق استغفارك وصحة شهادتك، وصلاحية بقائك أو إخراجك ليس من مشمولات العفو، فلا عفو، بل إخراجك أو بقائك ضمن دائرة الحد الأدنى من العيش .
الاعتذار تحت ضعط سلطة تمنّ عليك بعطائها وفضلها ومكارمها، ليس اعتذارا، بل استغفاراً . والمطلوب منك تحت ضغط فقد الحياة أن تستغفر لشيخ القبيلة عن ذنبك في المطالبة بإصلاح أدوات رعيه .
الاعتذار عن الموقف السياسي والرأي السياسي والاحتجاج السياسي، لا يهدف إلى فتح صفحة جديدة، بل يريد إخضاع المعارض أو المحتج لبيت الطاعة والولاء. والاعتذار على قاعدة ( ليس عفا الله عما سلف ) هو نوع من التشفي والانتقام والقصاص غير العادل. نحن نعتذر عن واجب لم نقم به، أو خطأ وقعنا فيه، أو إساءة اقترفناها بحق أحد. لكننا لا نعتذر عن رؤية اجتهدنا في الوصول إليها، والرؤية يرد عليها برؤية أخرى.
نظام الحكم ليس شخصاً وليس نموذجاً واحداً وليس عائلة، نظام الحكم طريقة في إدارة الدولة ورؤيتها، لا يعتذر الشعب حين يطالب بتغييرها، وليس من حق أحد أن يُجرّم بقوة السلطة ما يريده الشعب .
لم نسمع شعبا يعتذر لحكامه، لكننا سمعنا حكاماً يعتذرون لشعوبهم. لن نعتذر، لأننا طالبنا بما يخرجنا من ذل السلطان، لن نعتذر لأننا طالبنا بمواطنة تجعل الاعتذار ثقافة عن الخطأ لا ثقافة في الخطأ. لن نعتذر عن الحق في المطالبة بدولة مدنية لا تستخدم فيها السلطة طائفة ضد طائفة، لن نعتذر عن المطالبة بالحق في سلطة يتداولها الناس، لن نعتذر عن أخطاء اختلقها لنا شذاذ الضمير والأخلاق.
*كاتب بحريني