لنواجه معا التمييز
إيمان شمس الدين - 2011-07-15 - 1:11 م
إيمان شمس الدين*
ينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة 31 - كما ينقل غيل بولينج- على واحد من المقاصد الرئيسية للأمم المتحدة:"تحقيق التعاون الدولي على المسائل الدولية ذات الصيغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء".ومن ضمن المعاهدات الرئيسية لحقوق الإنسان في الأم المتحدة والتي دخلت حيز التنفيذ في1969 هي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي دخل حيز التنفيذ في 1976.
وقد ضمنت هذه الجهات طرقا لتفعيل هذه المعاهدات على المستوى العملي وكيفية تحويلها إلى سلوك يضمن تطبيقها، وذلك من خلال عدة آليات تلزم الدول الموقعة على هذه المعاهدات بتقديم تقرير في موعد تحدده هذه اللجان من مقارها ولا تعتمد فقط على هذه التقارير التي تقدمها الحكومات الموقعة بل حددت مجموعة راصدين ومتابعين حقوقيين يقدمون لها تقارير بشكل دوري تقوم بعد ذلك هي بمتابعة التقارير الحكومية المقدمة وتقارير الراصدين وتتابع التفاصيل بطريقة موضوعية لتشخيص مكامن انتهاك الحقوق الإنسانية في هذه الدولة أو تلك.
إضافة إلى أن تلك المعاهدات – حسب ما قاله غيل بولينج – توفر آليات للشكاوى الفردية وتجيز للأفراد أن يقدموا شكاوى بشأن انتهاكات حقوقهم الفردية المكفولة في المعاهدة، وهذه المعاهدات الأربعة وموادها التي تشتمل على حق الأفراد في تقديم الشكاوى ضمن الآليات هي كما يلي:
1.اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المادة 14.
2.العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – البروتوكول الاختياري.
3.اتفاقية مناهضة التعذيب المادة رقم .22
4.اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة البروتوكول الاختياري.
وتذكر بايفسكي في كتابها كيف تتقدم بشكوى عبر نظام معاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وكقاعدة عامة تقول: إنه يجب استنفاذ سبل الإنصاف الداخلية (أمام المحاكم الداخلية) قبل أن تنظر هيئة المعاهدة في شكوى فردية، وعلى الرغم من أن هذا الشرط سيتم تجاوزه عندما يثبت الفرد المدعي أو الشكوى بأن سبل الإنصاف الوطنية داخل دولة المشتكي ستكون غير مجدية، أو طال أمدها بدون مبرر.
تهمنا هذه المقدمات في موضوع، فصل البحرينيين من أعمالهم وآخرها ما تم بحق مجموعة من الأطباء فقد فصلوا فصلا نهائيا لا لشيء إلا لأنهم مارسوا حقهم في التعبير السياسي، وحقهم المدني في الإصلاح، وقد كان الفصل أيضا على أساس ديني مذهبي وهو ما رفضته المعاهدات الدولية.
ولقد تم التعامل مع كثير من البحرينين سواء طلبة أو موظفين من قبل الدولة ومنتسبيها بطريقة انتهكت فيها حقوقهم، على أساس التمييز القائم على الدين والانتماء المذهبي والسياسي.
وسأسلط الضوء على قضية فصل مجموعة من نواب البلدي لا لشيء، إلا لانتمائهم السياسي والمذهبي وكيف تم التعامل بتمييز معهم، رغم أن القانون يفترض وفق المواثيق الدولية أن يطبق على الجميع دون تمييز على أي أساس.
فالمادة 16 من قانون البلديات في البحرين تنص على أنه:" تسقط العضوية أيضا عن عضو المجلس البلدي بقرار من المجلس البلدي بأغلبية ثلثي أعضائه وذلك
في حال إخلاله بواجيات العضوية " فإسقاط العضوية مقرون بشرط إن توفر سقطت بموجبه، وهو الإخلال بواجبات هذه العضوية.
وكانت الاتهامات حسب ما ودر في الصحافة البحرينية والموجهة لهؤلاء الاعضاء المفصولين حددت في أمرين رئيسيين هما :
الأول: التوقيع على كتاب نداء استغاثة إلى الأمم المتحدة.
الثاني: المشاركة في مسيرة البلديين.
سأناقش أولا أمر الفصل والذي يفترض أن لا يتم إلا أذا أخل العضو البلدي بأحد مهامه، ولا يتم إلا بتصويت الثلثين، أي أن الفصل يكون ضمن شروط هي إثبات إخلال العضو بواجياته، ومن ثم عرض ذلك على البلديين للتصويت، وإحراز ثلثي العدد ومن ثم يتم الفصل.
فما الخلل الذي ارتكبه هؤلاء الأعضاء في واجباتهم وفق التهم الموجهة لهم؟
إن المعاهدات الدولية تعطي للفرد حق توجيه شكوى فردية في حال انتهكت حقوقه، وهي معاهدات تم التوقيع عليها من البحرين، وبالتالي لكل فرد بحريني حق في ممارسة هذا البند وفق الآليات المرصودة له.
ومادامت مملكة البحرين وقعت على هذه المعاهدات السالفة الذكر، فهي أقرت بها قانونيا ولا يمكنها محاسبة أي فرد في المجتمع البحريني على ذلك، وتوجيه التهمة له وفق هذه الممارسة المكفولة له دوليا.
ثانيا: المشاركة التي قام بها هؤلاء في مسيرة البلديين جاءت وفق سياقاتها الزمكانية حيث كانت هناك مطالبات سلمية بالإصلاح السياسي وهو ما كفله الميثاق الوطني في حفظ حق الفرد في التعبير عن رأيه طالما أنه ضمن حدود السلمية الفردية والقانونية وهو ما قام به كل المعارضين في البحرين أثناء المطالبات السلمية التي تمت منذ 14 فبراير.
وكي نوضح التمييز العنصري على أساس الانتماء الديني ننقل ما تم تداوله بشكل يعرفه كل البحرينيون وهو ما قامت به عضوة المجلس البلدي السيدة فاطمة سلمان، حيث فتحت مكتبها لتوظيف الهنود والباكستانيين واليمنيين في مختلف الأماكن التي طرد منها كل من شارك في المسيرات المطلبية للإصلاح السياسي، وأغلبهم من الشيعة، وكان مقصدها فقط أن تقوم بعملية إحلال وظيفي على أساس مذهبي حيث كان كل هؤلاء المتقدمين من أخوتنا السنة.وقد أثار هذا الأمر العديد من الشخصيات خاصة من هم أعضاء في المجلس البلدي، حيث شخصوا عملها بأنها تقوم في المجلس بمهام وأعمال لا تخصها علما أنها منتخبة من قبل مواطنين منهم مواطنون شيعة، وهي تمثل كعضو بلدي كل فرد بحريني في منطقتها، وليس فئة أو مذهب بعينه بالتالي قيامها بهذا العمل هو نقض لواجباتها البلدية، إضافة إلى أنها قامت بنشر خبر مفصل في جريدة البلاد البحرينية عن دورها فيما يخص جمع البلطجية من مختلف الجنسيات، وبررت ذلك أنها تريد أن تحمي محافظة المحرق. وفي أحد المنتديات تصف مداخلة ما قامت به عضوة البلدي بأنه تنظيف الديرة من الطفيليات"وما فعلته فاطمة سلمان يصب في هذا الاتجاه حتى لا يبقى أحد في البحرين مخدوعا بهم"**. ولكن السؤال حماية المحرق ممن؟ هل تحمي المحرق بأغراب عن أهل البحرين الذين تمثلهم كعضوة مجلس بلدي؟
ولماذا لم يتم اتخاذ إجراءات ضدها كونها مارست ما يخالف عضويتها وواجباتها في المجلس البلدي وقامت بانتهاك هذه العضوية؟
وهنا يكمن التمييز بعينه على أساس مذهبي، وهو ما يتطلب حراكا عمليا من قبل المفصولين من مناصبهم وأعمالهم لتقديم شكاوى فردية في الأمم المتحدة تثبت انتهاكات هذه الجهات لحقوقهم على أساس عنصري ينقض المعاهدة التي وقعت عليها مملكة البحرين خاصة مع العلم أن مسار التحقيقات والقضاء في البحرين فاقد للعدالة والمعيارية، ولن ينصف أصحاب الشكوى.
أعتقد اليوم معركة البحرينيين هي معركة حقوقية بامتياز، عليهم أن يجيدوا الحراك فيها خاصة من خلال التوثيق لكل ما ارتكب من انتهاكات بحقهم وتقديمها للجنة التحقيق التي شكلها الملك، ومن ثم متابعة هذه التحقيقات بالتوثيقات فإن وجدوا مماطلة أو مراوغة تحاول أن تضيع حقهم عليهم الانتقال فورا لتقديم شكوى فردية وجماعية للأمم المتحدة وفق الآليات التي وضعتها تلك المواثيق الخاصة بالأفراد.
Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية.
** منتدى مملكة البحرين