رسالة الملك: حافظوا على الحياة الفطرية وكرسي رئيس الوزراء
2014-02-06 - 2:12 م
ماذا تعني هذه الصورة؟
مرآة البحرين (خاص): خرج الملك حمد بن عيسى آل خليفة (26 يناير/ كانون الثاني) وإلى جانبه عمه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة في صورة غير بروتوكولية. كانا جالسين على سجادة فارهة (تبدو وكأنها إيرانية) وخلفهم حقل واسع من الأزهار.
كان المنظر خلاّبا في خلفيته. أما في موضوعه فكان خرابًا. ملك يعيش حالة من الهستيريا من كل شيء: الشعب، التاريخ، الجغرافيا. أما من يجلس جانبه، فعَبَر فوق رؤوس 4 أجيال متعاقبة، وأعقبها بالخامس، وما زال متمسكا بكرسيّه. ومن غير المستبعد أن يوصي بوصايا الفراعنة: ادفنوا معي الكرسيّ والحُليّ وكل ما سرقت.
جاء في الخبر الرسمي "في ظل ما تشهده البحرين من أجواء ربيعية جميلة، قام الملك حمد بن عيسى آل خليفة يرافقه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة وعدد من كبار أفراد العائلة المالكة الكريمة بجولة في روضة قصر الصخير، حيث اطلع جلالته على الجهود التي تبذل في سبيل الحفاظ على الحياة الفطرية موجها جلالته إلى أهمية الاهتمام بهذه الثروة والعمل على تنميتها".
لا شيء جديد، الملك الذي يدعو إلى تنمية الحياة الفطرية، قاد وعائلته أكبر عملية تدمير للبيئة. لقد تم دفن البحار والقضاء على البساتين والعيون وتسميم الأجواء بالغازات.تم تدمير البيئات الطبيعية وأصبحت غير قادرة على احتواء المخلوقات الحية. يكفي ما أظهرته الدراسة الفرنسية في 2010 ، أكثر من 56 مصيداً وفشتاً حيوياً مليئاً بالأسماك والروبيان دمروا شمال البحرين. وبينت هذه الدراسة أن دفان متر مربع واحد من البحر يتسبب في ضرر يمتد لعشرة أمتار أخرى.
دمرت الحياة الطبيعية والسياسية بالبحرين، بيئات طبيعية تتغير وبيئات سياسية لا تتغير، إنه الخراب الذي لا يحترم منطق الأشياء. الصورة تحاول أن تغطي هذا الخراب، ببيئة مستجلبة وابتسامة مصطنعة.
الشيء الجديد في الصورة أن الملك كان يريد أن يبعث بعدة رسائل منها لتزامنها مع أحداث ومواقف جديدة طرأت على الساحة خلال الأيام القليلة التي سبقتها (أي الصورة):
الرسالة الأولى لعائلته: ستبقى العائلة موحدة وقوية في مواجهة المطالبات بالتغيير. الملك لا يريد التفريط في وحدة عائلته حتى لو انفرط عقد البلاد. وهذا جوهر ما حذّر منه رئيس اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق محمود بسيوني.
بسيوني، أعلن قبل عام من هذه الصورة، إن الملك بين "إبقاء العائلة موحدة أو وحدة البلاد". أما الخيار الثاني فيتطلب إجراء تغيير مقنع للناس، وأهم تلك التغييرات أن يرحل عمه عن رئاسة الوزراء.
إلا أن رحيل عمه يعني انقسام حاد داخل العائلة الحاكمة. فهناك فريق واسع (منه الملك) يرفض الاستجابة لأيٍ من مطالب الإصلاح، ويدعم القوة في مواجهة تلك المطالبات، حتى لو انتهى الأمر بتدمير البلد وإنهاكها أمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
الرسالة الثانية لعمّه: قبل يوم من التقاط الصورة (25 يناير/ كانون الثاني) كشفت وسائل إعلام غربية أن وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس قال في مذكرات صدرت حديثا إن الملك قد وافق في 2011 على عزل عمه رئيس الوزراء.
كان ذلك محرجا جدا، فالوزير الأميركي أعلن بكل صراحة أن ملك البحرين وافق على مقترحٍ له بإعطاء عمه منصبا غير منصبه الذي يشغله منذ 43 عاما، وأن ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة أبلغه في فبراير/ شباط 2011 أنه مستعد لتولي رئاسة الحكومة في حال تم طلب ذلك منه.
وجد الملك نفسه مضطرا لرد الاعتبار إلى عمه الذي يتولى الحكومة منذ قرابة 43 عاما، لن نعزلك من منصبك وقد يكون لتلك الموافقة دوافعها السياسية لا غير، ووجودك في هذا المنصب ضرورة قبَليَة لا يمكن التفريط فيها.
الرسالة الثالثة لمواليه: عودة ولي العهد للمسرح بعد غياب طويل ولقائه أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان بشكل مفاجئ، كان عملا مدروسا من الملك وشركات العلاقات العامة، وما تم تسريبه بشأن التوجه لإقالة رئيس الوزراء محض هراء.
لا يمكن للملك وقبيلته التخلي عن خط الدفاع الأول: (الخوف الطائفي المصطنع) الذي يقوده تكتل الموالاة (الفاتح) الذي بات يقّدم نفسه ضحية مؤامرات وتسويات من تحت الطاولة بين ديوان ولي العهد والقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة (الشيعة).
هذا التكتل قرن وجوده بوجود خليفة بن سلمان في الحكم، هيمنة آل خليفة على الحكم ليس كافياً، بل بدا أكثر اقتناعا بأن وجود (خليفة بن سلمان) بما يمثله من أكثر الأطراف تشددا في الحكم هو حماية للامتيازات الطائفية الواسعة التي يحظى بها، والتي توسعت بشكل هائل ومريح ما بعد مارس/ آذار 2011.
الرسالة الرابعة للمعارضة: لم يحن وقت التغيير بعد، وربما لن يحن، فمهما جرى حديث التنازلات، فلن تمس تلك التنازلات جوهر الحكم، وهو وحدة القبيلة وبقاء هيمنتها على السلطة.
وصحيح أن رحيل خليفة بن سلمان قد لا يؤدي بالضرورة إلى اختلال في ميزان الهيمنة القبلية، إلا أنه بالنسبة للملك نزولا عند رغبة المعارضة، ولم يكن معهودا في تاريخ القبيلة أن ترضخ للمطالب الشعبية أيًا كان طبيعتها.
الملك متمسك بكل موروثات قبيلته، التي لا تزال ترفض الاعتراف بأن الحاكم الأسبق عيسى بن علي آل خليفة تم عزله من قبل البريطانيين تحت ضغط مطالب شعبية، فكيف لها اليوم أن توافق على عزل خليفة بن سلمان؟!