حرب شرسة ضد «الاتحاد النسائي» لأنه قال إن المرأة البحرينية طالها العنف بسبب الرأي
2014-02-02 - 4:32 م
مرآة البحرين «خاص»: حملة شرسة تدار ضد «الاتحاد النسائي البحريني» منذ أيام، على خلفية تقرير الظل الذي قدمه إلى لجنة «سيداو»، والذي أشار فيه إلى أنواع جديدة من العنف طالت المرأة بسبب تعبيرها عن رأيها. تطرق الاتحاد النسائي إلى العنف الموجه ضد المرأة في ظل الأحداث السياسية، وأوضح أنه: «على الرغم من أن المادة الثالثة من اتفاقية (سيداو) كفلت للمرأة ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها، إلا أنه في ظل الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد ابتداءً من فبراير/ شباط 2011، وحتى اليوم، رافقها عنف ضد المرأة في مختلف المواقع والحالات على خلفية التعبير عن الرأي والمشاركة في التظاهرات والاعتصامات».
وتابع التقرير «من بين أعمال العنف التي طالت المرأة، هي القتل بالرصاص، والوفاة بسبب استنشاق الغازات السامة، والممارسة المهينة للمرأة أثناء القبض عليها، وانتزاع الأطفال من أسرهم، والتهديدات بالاغتصاب. كما أن اعتقال النساء والتحقيق معهن لا زال مستمراً حتى اليوم، وخصوصاً بالنسبة للناشطات السياسيات، وكذلك الفصل والتوقيف عن العمل، وفصل الطالبات من الجامعات، وسحب الجنسية، والحرمان من البعثات، وذلك بسبب التعبير عن الرأي».
جاء ذلك في تقرير الظل الذي قدمه الاتحاد النسائي، إلى اللجنة المعنية باتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التابعة للأمم المتحدة بجنيف، ومناقشة تقرير البحرين الدوري الثالث بشأن الاتفاقية، المزمع إقامته في (11 فبراير/ شباط 2014).
الحملة الشرسة تديرها مواقع تواصل اجتماعي وأسماء نسوية تابعة للنظام، لا علاقة لها من بعيد أو قريب بالعمل النسوي. وهي أحد الأساليب التي تعودناها من النظام منذ 2011 بشكل خاص، استحداث فزعات اجتماعية تمهّد لاتخاذ إجراءات لاحقة ضد الجهة المستهدفة.
المتصدرات للحملة هن النائبة التي لم يرشحها أحد سوسن تقوي، ومغردة باسم جيهان محمد تطلق على نفسها شاعرة الفاتح، وبالطبع عرابة النظام المناهضة لأي بادرة اصلاح الصحافية سوسن الشاعر. الأخيرة التي أعلنت حربها على ولي العهد حين جلس إلى المعارضة لتدارس سبل حوار يخرج البلد من أزمة طاحنة، لن يكون ملفتاً إعلانها الحرب على مؤسسة أهلية (الاتحاد النسائي)، أشارت إلى حقيقة وقوع انتهاكات في حق المرأة البحرينية بسبب الرأي. وكما هي العادة منذ 3 سنوات، يصبح أي فضح لانتهاكات السلطة جريمة وتشويه لسمعة البحرين وخيانة، وكل رفض للاصلاح وطنية وشرف.
ورغم أن جميع ما ورد في تقرير الاتحاد، قد وثّقه تقرير بسيوني بالتفصيل، بل هو شذرات مما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق المعتمد من قبل اعلى سلطة رسمية في البلد، إلا أن الحملة التي أطلقت ضد الاتحاد النسائي وصفته بأنه طائفي تارة، ووفاقي (نسبة إلى جمعية الوفاق) تارة أخرى، وهي أيضاً من الاطلاقات الاعلامية المكرورة والمبتذلة للنيل مع كل قول محظور.
ليس هناك ما طرح في الحملة المثارة ضد الاتحاد النسائي البحريني ورئيسته مريم الرويعي المناضلة في العمل النسائي منذ نعومة أظفارها، غير اتهامه بأنه «وفاقي». لا يملك القائمون على الحملة شيء يدينون به الاتحاد غير هذا الاتهام المستهلك، رغم أن أبسط المهتمين بالحقل السياسي أو النسوي يعلمون أن الاتحاد النسائي لديه خلاف عميق مع «جمعية الوفاق الاسلامية» فيما يتعلّق بموقف الأخيرة من قانون الأحوال الشخصية الذي تصارع من أجله الجمعيات النسوية في البحرين. بل أن الاتحاد قد أشار في تقريره إلى ذلك قائلاً «لا زال غياب القانون بشقه الجعفري يشكل تمييزاً صارخاً ضد النساء البحرينيات من الطائفة الجعفرية، إذ تعانين في المحاكم الشرعية من اختلاف الآراء الفقهية، وعدم وجود نصوص موحدة للتقاضي فيما يتعلق بالطلاق وحقوق الحضانة والنفقة ومجمل العلاقات الأسرية».
الاتهام الآخر الذي نُسب إلى الاتحاد أنه قد تم «تسييسه»، وهذا الأخير أقل ما يقال عنه بأنه ساذج ومضحك، ذلك أن مهمة المؤسسات النسوية بالدرجة الأولى هي رصد حالات التعاطي الرسمي مع المرأة، ورصد ما تتعرض له من انتهاكات رسمية واجتماعية، كما أن حرية المرأة وحرية تعبيرها مكون أساس في العمل النسوي الذي ناضلت من أجله منذ خمسينات القرن الماضي، وسيكون لا معنى للاتحاد النسوي، ولا معنى لتقرير الظل المرسل إلى سيداو، إن لم يضع التقرير على هذا الجرح العميق الذي لا زال يدمي واقع المرأة البحرينية.
يبقى أن الاطراف الهائجة والمائجة ضد الاتحاد، هي وحدها التي تنافح لتكذيب واقع لم يعد خافياً على أحد، أكده تقرير لجنة تقضي الحقائق وتقارير المنظمات الأهلية العالمية الموثوقة. المنافحة هنا ليس دفاعاً عن المرأة ولا عن الوطن، بل عن مصدر رزقهم. ذلك الذي يمدهم بالهبات والعطايا، بقدر ما يظهرون له من الولاء المنحط.