28 دورة انتخابية في غرفة التجارة ترجح كفة البحرين دائرة انتخابية واحدة
2014-01-24 - 6:53 م
مرآة البحرين (خاص): على مدى أكثر من 7 عقود من الزمن، هي عمر غرفة تجارة وصناعة البحرين التي تأسست عام 1939، أجرت الغرفة 27 دورة انتخابية وستجرى الدورة 28 يوم السبت 15 فبراير 2014 بمركز البحرين الدولي للمعارض.
وطوال هذا التاريخ الممتد كانت الانتخابات تجري في أجواء ودية بصورة عامة، ويشارك فيها ممثلو القطاعات التجارية دون تمييز، وكانت التحالفات الانتخابية تجري بينهم وفق برامج انتخابية تركز على الاقتصاد والتجارة بشكل وطني بعيد عن أي نفس طائفي، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن لم يحدث أن ألغيت أي من الدورات الانتخابية، كما لم تشهد الانتخابات أية أعمال عنف أو احتجاجات سياسية أو اجتماعية أو طائفية بسبب نتائج الانتخابات أو احتجاجا على أسماء الشخصيات التي فازت بها، أو بسبب ميولهم وانتماءاتهم العرقية أو المذهبية.
لقد نجحت غرفة تجارة وصناعة البحرين في تثبيث تقاليد ومفاهيم انتخابية راسخة وعريقة تعاملت مع البحرين باعتبارها دائرة انتخابية واحدة، ولم يسبق أن طالب أي من أعضاء غرفة تجارة وصناعة البحرين بتخصيص مقاعد خاصة لهذا القطاع التجاري أو ذاك.
ورغم أن تركيبة مجلس الإدارة كانت لصالح مكون معين من مكونات المجتمع طيلة هذه السنوات، إلا أن المكون الآخر من المجتمع لم يطالب بتوزيع مقاعد مجلس الإدارة وفق توزيع اثني أو بناء على المحاصصة الطائفية .
لقد استمرت البحرين دائرة انتخابية واحدة ينتج عنها مجلس إدارة لغرفة التجارة مكون من 18 عضوا يتم انتخابهم بشكل حر، تحت إشراف لجان انتخابية تعينها الغرفة ذاتها دون الحاجة إلى ترتيبات خاصة من الحكومة أو من أي جهة أخرى، وكان يحق لكل تاجر بحريني يحمل عضوية الغرفة المشاركة في انتخاباتها وفق صوت لكل عضو دون تمييز بين تاجر كبير وتاجر صغير، وكان يحق لكل من تنطبق عليه شروط الترشح أو التصويت ممارسة حقه الطبيعي بشكل تام دون خوف أو وجل ودون الحاجة لتزكية من هذه الجمعية أو هذا التيار أو حتى من الحكومة، رغم التدخلات التي مارستها الحكومة لضمان وصول الموالين لها لسدة القرار من خلال اللوبيات وضخ الاموال وتوجيه بعض التجار، لتغليب كفة على أخرى.
في مثل هذه الأجواء المنفتحة كانت الانتخابات العامة في البحرين تنطلق في تجربتها الأولى قبل نيف وأربعين عاما وفق تقسيم مناطقي يؤسس لتوازن طائفي يستهدف تشطير المجتمع وفك ترابطه الاجتماعي، ورغم ذلك فقد أفرزت تجربة الانتخابات العامة مجلسا وطنيا مختلطا تنافس فيه الجميع وفق برامج سياسية، ثم تشكلت بداخلة كتل برلمانية متنوعة، وقد تعاونت هذه الكتل فيما بينها فرفضت قانون أمن الدولة الذي كان يهدف إلى تضييق هامش الحرية الذي انتزعه شعب البحرين بتضحياته الكثيره، لكن العقلية الأمنية المستبدة لم تستطع تحمل هذه التجربة فسعت إلى إجهاضها في أقل من 3 سنوات فقد افتتح المجلس الوطني في ديسمبر 1972 وتم حله في 23 اغسطس 1975، وبقيت الحياة النيابية معلقة طوال 27 عاما، بينما استمرت غرفة التجارة في إجراء انتخاباتها بصورة منتظمة كل 4 سنوات وفق نظام الدائرة الواحدة، ولم تتأثر بالإجواء الأمنية التي سادت ابان تطبيق قانون امن الدولة سيء الصيت والسمعه، والفترة التي تلتها فيما بات يعرف بعهد الإصلاح الذي انتهى بأزمة سياسية كبيرة منذ ثورة 14 فبراير 2011 وحتى الان.
إنها تجربة ثرية جديرة بالدراسة والتحليل والاستفادة منها للتدليل على شعب البحرين قد شب عن الطوق وأنه مستعد وجاهز لممارسة الديمقراطية عبر نظام الدائرة الواحدة.
ومن الواضح أن النظام الذي أجهض التجربة النيابية الوليدة في بداية تكوين الدولة خلال أقل من 3 سنوات، قد ارتضى بوجود تجربة انتخابية رائدة نجحت في الاستمرار كل هذه السنين، بينما يرفض مطالب المعارضة البحرينية باعتبار البحرين دائرة واحدة تفرز مجلسا نيابيا منتخبا بطريقة ديمقراطية حرة، ويتحقق فيه مبدأ المساواة بين جميع المواطنين وفق قاعدة صوت لكل مواطن.
إن المعارضة البحرينية لم ترتكب محرما، ولم تستورد دبمقراطية غربية كما يقول بعض السياسيين وبعض الإعلاميين، فها هي الغرفة تنجح في تطبيق نطام الدائرة الانتخابية الواحدة على مدى 75 عاما دون أية عراقيل وفق هذا النظام، بمشاركة التجار الناخبين من مختلف مناطق البحرين في مشهد جميل متناسق ينتظره الجميع كل 4 سنوات بروح من المحبة والتفاؤل .
فهل تكون انتخابات الغرفة القادمة المقررة 15 فبراير 2014 نموذجا متقدما يقود بلادنا للخروج من أزمة المحاصصة الطائفية والتمييز بين المواطنين وفق مناطقهم وانتماءاتهم، ذلك ما ستسفر عنه التجربة لتكون دليلا بحرينيا خالصا على أن شعب البحرين بلغ من النضج ما يكفي ليمارس الديمقراطبة الكاملة وفق نظام صوت لكل مواطن بعيدا عن الوصاية والتبعية.