إذا أردت أن تقتل أحداً فامنع عنه الماء، سجناء جو يستغيثون: نشفنا بلا ماء
2014-01-06 - 8:21 م
مرآة البحرين (خاص): ماذا يعني أن تبقى لمدة شهر ونصف تعاني من صعوبة الحصول على الماء؟ يصل الأمر إلى البقاء بلا ماء لمدة أيام. ماذا يعني أن تعيش كل لحظة مهدداً أن تنفذ قنينة الماء الخاصة بك فلا تحصل على غيرها في الاسبوع القادم؟ وأنك لكي تروي عطشك تضطر إلى الاعتماد على بدائل الماء من العصائر والمشروبات السائلة الأخرى لمدة اسبوع كامل أو أكثر؟
باختصار، هذا هو حال معتقلي سجن جو منذ أكثر من شهر ونصف حتى الآن، شكوا قضيتهم إلى من وصل إليهم من إداريي السجن، أوصلوها إلى الإعلام المعارض غير ذات مرة، دون أن يتغيّر شيء، ولا يبدو أن أحداً مهتم بعمل شيء، إذ لم تبذل إدارة السجن شيئاً فيما يتعلّق بهذا الخصوص.
مشكلة الماء في سجن جو مركبة في الامتهان، فمن جانب عدم توافر الماء الصالح للشرب، ومن جانب آخر تواصل انقطاع الماء المستخدم في قضاء الحاجة والاستحمام لفترات طويلة. كل ما يتصل بالماء فهو محل مشكلة في هذا السجن. وكأن ثمة منع متعَمّد عن الماء. إنه نوع آخر من أنواع التعذيب، إن لم يكن القتل، يختلف عن ذاك الذي عرفناه وألفناه من النظام البحريني، ليس تعذيباً جسدياً بالضرب والصعق والركل والحرق بأعقاب السجائر هذه المرة، بل الحرمان، الحرمان من المادة الأساسية في جسم الإنسان، والتي تشكل ثلثي جسمه، والتي لا تقوم حياته إلا عليها بالدرجة الأولى: الماء.
السجناء أوصلوا صرختهم إلى «مرآة البحرين»: "لقد نشف الماء من أجسادنا. الماء المخصص للشرب في السجن ملوّث وبه شوائب نراها بأعيننا. البعض يضطر إلى شربه مجبوراً بسبب العطش الشديد ولعدم توفّر بديل صحي، والبعض يستعيض عن عدم توافر الماء بشرب العصائر، والبعض الآخر ينتظر بعطشه إلى حين يوفّر (كانتين) السجن الماء".
يضيف السجناء: "قنينات الماء التي يوفرها (كانتين) السجن لا تكفي حاجتنا، ولا يُسمح لنا بالشراء من الكانتين غير مرة واحدة في الإسبوع، وغالباً ما نذهب في اليوم المخصص لنا فنفاجأ أن الماء نفد، وعلينا أن ننتظر أسبوعاً إضافياً بلا ماء". يكملون: "العصائر التي نستخدمها كبديل لا تروي عطشنا، ولا تشعرنا بالاكتفاء، بل كثيراً ما نشعر أننا عطاشى أكثر بعد تناولها. العطش يضيق علينا أنفاسنا".
قضاء الحاجة والاستحمام مشكلة جوهرية أخرى في سجن جو، قد يقضي البعض أياماً دون استحمام. الماء لا يكفي الاستخدام اليومي لأعداد السجناء الآخذة في الازدياد يوماً بعد الآخر. ومع تغيّر الطقس ودخول فصل الشتاء أضيفت مشكلة ثالثة. هناك سخان واحد يستخدمه جميع النزلاء في السجن. سرعان ما ينفذ الماء الساخن في الوقت المخصص للاستحمام ويكون مصير الباقي الاستحمام في الماء البارد.
أن يصير الماء مشكلة بهذا الحجم المعقد والمركب في سجن جو، لا يجعل الأمر يبدو عادياً، فالبحرين ليست لديها مشكلات في انقطاع الماء. واستمرار الوضع على ما هو عليه أكثر من شهر ونصف وسط إهمال متعمّد، يجعل شكوكاً أخرى تحضر.
علمياً يحتاج جسم الإنسان إلى 2 لتر من الماء يومياً. ليقوم الجسم بوظائفه الحيوية بصورة طبيعية، وليتمكن الماء تنشيط أجهزة الجسم وترطيبه وتنظيم درجة حرارته وتخليص الدم من السموم. لكن السجناء يشكون أنهم قد لا يحصلون على 2 لتر من الماء النقي خلال أسبوع كامل. ما يعني فقد الجسم لكامل اتزانه وجعله عرضة للجفاف والمرض.
بعض السجناء بدؤوا يشعرون بوعكات صحية غير مفهومة، وليس لها مقدمات سابقة. بعضهم تفاجأ بنزول مخاط دم من أنفه، آخر يشعر بجفاف وآلام في مناطق مختلفة من الجسم، وآخر نقل أنه يشعر بألم شديد في عينه. عرض بعضهم على عيادة السجن، وتحويل بعضهم إلى اختصاصيين. الوضع لا يبشّر بالخير.
لا نعرف تحديداً ماذا وراء هذا الاستمرار في الحرمان من الماء. لكن نعرف أن ملحمة تاريخية إنسانية كبيرة هي ملحمة الحسين وعائلته، قامت على الحرمان من الماء من أجل الإخضاع والإذلال. وأنك إذا أردت أن تقتل أحداً أو توقعه في سلسلة أمراض خطيرة ومخيفة، فامنع عنه الماء. هل يكون هذا مخططاً؟.