2014: الضفدع المغلي: الملك أم المعارضة؟
عادل مرزوق - 2013-12-31 - 3:52 م
عادل مرزوق*
مع دخول العام 2014 يطوي البحرينيون عاماً آخر كان حافلاً بعديد المنعطفات والمتغيرات الإقليمية والدولية. انتظارات الشارع في الوصول لتسوية سياسية لم تخرج بشيء، خصوصاً منتصف العام المنصرم، عقلب زيارة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى واشنطن، وقتئذ؛ تسربت خطة تسوية سياسية، لكنها سرعان ما تبخرت، ولأسباب عدة؛ داخلية وخارجية.
على الأرض، سقطت خيارات الإسقاط في اختباراتها. الأطراف المتشددة في المعارضة ومؤسسة الحكم - على حد سواء - لم تستطع أن تنجز أهدافها المعلنة. الملك وشارع المعارضة يقتسمان القوة، وكلاهما بات عصياً على الإسقاط، مع أفضلية – أخلاقية – لأغلبية الشارع التي لم تمارس - حتى اللحظة - عنفاً حقيقياً قبالة عنف الأجهزة الأمنية الموكلة بإبقاء الملك على كرسيه.
ولئن كان الإقليم يحفل بالكثير من المتغيرات فإن الجمود سيد المشهد في الداخل. ورغم عديد الفرص التي قدمتها العواصم الغربية – واشنطن ولندن –لينتشل الملك بلاده من أزمتها المستفحلة، إلا أنه لا يبدو مهتماً بذلك.
وسواء أكانت هذه المراهقة السياسية التي تسيطر على خطابات الملك وحكومته صنيعة حسابات التوازن داخل الأسرة الحاكمة أو خاضعة لمزاج الإقليم والأخت الكبرى (السعودية)، فإن أحداً لا يمكن له الهروب – ما خلا الجمعيات السياسية – من الإقرار بأن الملك حمد بن عيسى آل خليفة بات عنوان الأزمة، وجوهرها.
وتجدر هنا الإشارة إلى أن هروب الجمعيات السياسية من هذا الإقرار لا يرتبط بالاقتناع، لكنها وببساطة، لا تملك الخطط، ولا الأدوات الكفيلة بإدارة تفاصيل الأزمة بمعيته. وهي لا تريد – إن صح التعبير – أن تختبر من جديد تجربة الانسياق خلف قوى الممانعة أيام الاحتشاد الجماهيري في دوار اللؤلؤة، يضاف إلى ذلك، أن تفاهمات المعارضة الدولية لا تغطي الذهاب في خطابها إلى أكثر مما هو عليه، اليوم.
في اليد الثانية، ورغم عديد البرامج والمبادرات التي قدمتها الجمعيات السياسية كوثيقة المنامة، ووثيقة اللاعنف، ومبادرات الحوار، إلا أنها عجزت عن فرض خطابها/ رؤيتها/ خياراتها - الند للند - أمام الملك والعواصم الداعمة له. خصوصاً وهي تصارع مكنة الإعلام الرسمي، وأذرعته الخارجية التي - ورغم إخفاقاتها - تنجح في أن تكون الطرف الذي يحرك أجزاء اللعبة، ويتحكم بمساراتها.
لا مفر من الاعتراف؛ الجمعيات السياسية المعارضة في مأزق، فالتصعيد مغامرة غير محسوبة، والخيارات الحالية لا يبدو أنها تحث/تجبر/ تستميل "الصافرية" للدخول في تسوية سياسية، تستجيب لانتظاراتها. وعليه، تبقى قواعد/حدود الاشتباك معروفة، وفيما تحترم جمعيات المعارضة هذه الحدود يمارس النظام سياسية "الضفدع المغلي"، حيث تستمر سياساته – خصوصاً مؤسساته القضائية - في مشروع الإجهاز على المعارضة؛ نخباً وفاعلين على الأرض، ودون جلبة دولية.
تبدو حسابات الملك وسدنة الديوان الملكي من الخوالد صحيحة، لكنه يحتاج في هذه المعادلة لضمانات؛ داخلية وإقليمية. وإن كانت خبرته بالداخل تكفيه، فإن متغيرات الإقليم العام 2013 تؤكد أن مماطلة الملك في طي الأزمة هي مغامرة لا تقل خطورة وتعقيداً عن مغامرة الجمعيات في المطالبة بالإطاحة به شخصياً!.
على الملك أن يتأكد جيداً، أنه لن يكون أعز على الرياض من الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وأن من فرض على هيكل الحكم في قطر مسمى (الأمير الوالد)، قد يفرض مسمى (الملك الوالد) في البحرين.
فقط، على المعارضة أن تبذل جهداً حقيقياً، وأن تساعد الملك وهو يغلي الماء من تحت قدميه.
* صحافي بحريني.