البحرين بين تقية "الاتحاد" وتطلعات "الإسقاط"
عادل مرزوق - 2013-12-12 - 7:35 م
عادل مرزوق*
لم تتجاوز قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة "قمة الكويت" خلافات البيت الخليجي، وفشلت جهود الكويتيين – المشكوك في صدقها - في تهدئة ما أثاره حوار المنامة من غبار، قبل أيام من انعقاد القمة حول ملفي الأزمة: النووي الإيراني، والاتحاد الخليجي.
لم يكن موقف عمان الرافض للاتحاد الخليجي والذي هدد بانسحاب السلطنة من عضوية المجلس على لسان وزير خارجيتها يوسف بن علوي في المنامة مفاجئاً، ولئن تعاملت وسائل الإعلام معه في هذا السياق. فقبل أشهر أطلق الوزير ذاته تصريحه الشهير مؤكداً أن لا اتحاد خليجي "سوى ما هو موجود في عقول الصحفيين".
واقع الحال، عمان كانت الأشجع بين دول المجلس في إعلان الموقف الرافض للاتحاد الظاهر في عنونته ضمن خطط مواجهة ما تعتبره بعض دول الخليج خطراً إيرانياً، المهووس بمخاوف – ترتقي للقناعات - مشيخات الخليج من أن تتحول دولهم تباعاً إلى جزء من الدولة السعودية الكبرى لاحقاً.
تقنياً، وما خلا النجاح الجزئي في إقرار دول مجلس التعاون الخليجي التنقل بالبطاقة المدنية بين دول المجلس، لم تستطع المشروعات الاتحادية في الخروج بتوافقات فاعلة بين دول المجلس. أبرز النتائج في هذا السياق انسحاب الإمارات من الاتحاد النقدي الخليجي بعد تحفظها على قرار اختيار الرياض بدلا من أبوظبي مقراً للمصرف المركزي الخليجي. ورفض السلطنة العمانية والكويت الانضمام إلى العملة النقدية الخليجية الموحدة التي كان من المفترض أن تكون انطلاقتها قبل أكثر من عامين.
وخلاف تباين وجهات النظر التي تعصف بدول المجلس حول طبيعة وما يجلب أن تكون عليه العلاقات الخليجية الإيرانية، تبرز وبوضوح الخلافات الحدودية الخليجية – الخليجية، ومنها: الإمارات/ السعودية، السعودية/ قطر، السعودية/ الكويت، وأخيراً السعودية/ عمان.
وبالفعل، لقد خلف التواجد البريطاني في المنطقة بعد الانسحاب العام 1971: "شبكة معقدة من الخلافات حول الحدود البرية والبحرية التي رسموها في بداية القرن التاسع عشر. ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على الانسحاب البريطاني، ما زالت الخلافات الحدودية تشكل مصدر خطر على جميع الدول المتشاطئة في الخليج العربي، وعاملاً من عوامل عدم استقرار المنطقة" .
تحاول السعودية اليوم أن تجمع دول الخليج على كلمة واحدة فيما يتعلق بالصراع الإقليمي الذي يشهد منعطفات جديدة بعد تولي الإصلاحي حسن روحاني سدة الحكم في إيران، وبالفعل استطاع روحاني إحداث تغييرات جذرية في الخارطة الإقليمية لصالح بلاده، وصولاً لما تعتبره الرياض اختراقات خطيرة في دول مجلس التعاون الخليجي، والإشارة هنا إلى عمان التي رعت مفاوضات سرية بين واشنطن وطهران.
بكل تأكيد، كان بيان قمة الكويت إخفاقاً سعودياً حين رحب بتسوية 5+1، فالتوافق على منحى الإيجابية مع إيران كان أهون على دول الخليج العربي من أن تتحدث فيما تحتاجه خلافاتها الداخلية من نقاشات وقرارات.
البحرين التي تقف على جادة أكثر الدول حماسة للاتحاد الخليجي إلى جانب السعودية، تتجاذب مؤسستها السياسية الحاكمة المخاوف ذاتها. فسياسة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تعتمد على إرضاء الرياض في الظاهر، مطمئناً إلى أن ممانعات دول الخليج الأخرى ستكون كفيلة بإسقاط المشروع.
الحالة البحرينية لها خصوصيتها، على الأقل فيما يتعلق بالأزمة السياسية الطاحنة، وتراجع الوضع الاقتصادي للبلاد بمديونية تصل إلى 5 مليارات دينار (44% من الناتج المحلي)، وتزايد الضغوط الدولية على الأسرة الحاكمة في البحرين. وعليه، كانت أخطر الكلف التي اضطر الملك حمد بن عيسى آل خليفة على تقديمها هو فقدان سيادته على البلاد التي تحولت إلى الرياض منذ دخول قوات درع الجزيرة عقب إعلان الملك حالة الطوارئ منتصف مارس العام 2011.
لم يكن رفض الغالبية السياسية والشعبية في البحرين لنسخة الاتحاد المصغرة بين السعودية البحرين الذي تجلى بوضوح في مسيرة 18 مايو 2012 بعيداً عن إرادة مؤسسة الحكم في البلاد، ولئن كانت تصريحات رئيس الوزراء خليفة بن سلمان المتتالية تظهر ما هو عكس ذلك. تؤكد هذا الاتجاه دلائل عدة، أقلها منع السلطات السياسية البحرينية للعديد من الفعاليات المؤيدة للاتحاد، وإيعاز هيئة شؤون الإعلام إلى الصحافة المحلية الرسمية ضرورة عدم التطرق لموضوع الاتحاد، ما خلا أن تكون بتعليمات مباشرة من القصر.
*صحفي بحريني.