حاولوا خنقه حتى شارف على الموت، جلدوه، واعتدوا عليه جنسيا... عم الشهيد بدّاح في قبضة الجلّاد!
2013-11-30 - 9:31 م
مرآة البحرين (خاص): اعتداءات جنسية، جلد بالسياط، ضرب بالحديد، والخنق حتى الموت.... منسق رابطة عوائل الشهداء، قاسم بدّاح، تحت وطأة التعذيب الشديد، في سجون النظام البحريني، منذ نحو أسبوع.
جريمة بشعة أخرى ترتكبها السلطات الأمنية في البحرين، تضاف لسجلها الإجرامي، ليس من باب المصادفة أن تكون في الذكرى الثانية لتقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي اتهم النظام علانية بتعذيب المعتقلين السياسيين انتقاما منهم، وبقتل المحتجين خارج نطاق القانون، وباعتقال الآلاف بتهم تتعلق بحرية التعبير السياسي والتظاهر.
لا عقاب للقتلة والمجرمين، بل مزيد من الانتقام ومزيد من التنكيل بأسر الضحايا، لتكون سجون النظام البحريني مراكز لتعذيب آباء الشهداء وأقاربهم... بدلا من معاقبة الجناة. إنه أسلوب النظام في "الاستجابة الكاملة لتوصيات لجنة تقصي الحقائق"!
قبضة الجلاد: التعذيب في أجلى صوره منذ 2011
وعلى ما أكّدت جهات حقوقية ومقربون من عائلة بدّاح، فمنذ لحظة وصوله إلى التحقيقات وضع في غرفة مظلمة، وواجه سيلا من الشتائم والسباب، وعلى الأخص شتم الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها.
جلدوه بالسياط وضربوه بالحديد، جردوه من كامل ملابسه وتحرشوا به جنسيا، هددوه بالاغتصاب، عمدوا إلى إدخال قضيب في دبره، هددوه بالاعتداء على زوجته وأهله، وحاول المعذبون خنقه حتى انقطع نفسه وشارف على الموت.
قضى أكثر من 36 ساعة متواصلة من التعذيب، بدأت من لحظة اعتقاله ظهر الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وتوقفت مساء الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني، كل هذا التعذيب كان لحمله على اعترافات بتهم خطيرة، لكنه لم يعترف!
ألمح الجلادون بأن كل هذا التعذيب يأتي لانتمائه إلى رابطة عوائل الشهداء، التي تصر على القصاص من قتلة ابنائها.
نكّل بقاسم بداح منذ لحظة اعتقاله، ونقل بعض المعتقلين لعوائلهم أنواع التعذيب الذي لاقاه قاسم في إدارة التحقيقات الجنائية، كان واضحا أنه انتقام من دوره كمنسق لرابطة عوائل الشهداء.
آباء الشهداء: كيان سياسي مستقل
قاسم بداح، هو عم الطفل الشهيد "علي بداح"، أول الشهداء الذين قضوا دهسا تحت عجلات مركبات الأمن، قبل يومين من صدور تقرير بسيوني عام 2011. وأيضا، ليس من باب المصادفة، أن يعتقل عمه في اليوم ذاته بعد عامين.
يجهد آباء الشهداء وأقاربهم في المطالبة بالقصاص من القتلة. أكثر من عامين على صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي أوصى بشكل واضح بمحاسبة المتورطين في ذلك على مختلف مستويات المسئولية، لكن النتيجة جملة أحكام بالبراءة، لا إقالات لأي مسئول، ترقيات لكبار المتورطين، واستمرار في القتل والتنكيل، حتى بأسر الضحايا.
لم يفتح تحقيق في حادثة مقتل الشهيد علي بداح، التي كانت مأساة كبيرة. جثته المتكسرة ووجهه الذي طحنته مركبات الأمن لم يسترق ضمائر المسئولين، وبدلا من ذلك صار أسلوب قتله سنّة لدى السلطات على مدار عامين!
المسار الذي اتخذه هذا النظام المارق في "التكفير" عن جرائمه البشعة، التي صعقت حقيقتها العالم أجمع عبر تقرير اللجنة المحايدة، ينبئ عن إصرار فاحش على الإثم. فبدلا من إنصاف عوائل الشهداء والاقتصاص من القتلة الذين حرموهم فلذة أكبادهم، يمعن النظام في الانتقام منهم هم أيضا!
3 من إخوة الشهيد هاني عبد العزيز معتقلون لدى سلطات النظام، وكذلك والد الشهيد محمود أبو تاكي، ووالد الشهيد علي الشيخ. وسابقا تعرض عدد كبير من أسر الشهداء للاعتقال والأذى، على خلفية نشاطهم السياسي، مثل والد الشهيد أحمد إسماعيل، الذي لا زال يجول المسيرات والتظاهرات حاملا كاميرا ابنه الشهيد، وكذلك والد الشهيد علي المؤمن وأخيه، والد الشهيد علي مشيمع، والد الشهيد سيد هاشم، والد الشهيد علي الصددي، ووالد الشهيد يوسف موالي وابنه عمه.
آباء الشهداء تحولوا إلى أيقونات في الثورة، بممارسة العمل السياسي العلني بمختلف الطرق وفي مختلف المناسبات. مؤخّرا، ظهروا في مسيرة "قواسم البحرين" التي نظّمت في أزقة العاصمة المنامة خلال احتفالات عاشوراء المركزية، وألقى بعضهم كلمات في منصة ائتلاف 14 فبراير. ظهورهم ظل منظّما وفاقعا ومميزا على مدار أكثر من عامين، دون انقطاع، وحتى بدون تنظيم "الرابطة" الذي شكلوه، هم لوحدهم يمثلون كيانا وكتلة سياسية مناوئة للنظام.
في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، دشّنت الرابطة راية "يا لثارات الحسين" في مقابر البحرين التي ضمت أجساد شهداء 14 فبراير. في مقبرة سترة تحدث "قاسم بدّاح" وقال مشدّدا "لن نقبل المساومة، وسوف نقتص من القتلة".
مطاردة داخل مستشفى السلمانية
يعمل قاسم بداح في قسم التعقيم بمجمع السلمانية الطبي، في ذلك اليوم تناهى إلى سمعه بأن هناك من جاء لاعتقاله، ولاحظ وجود عناصر مدنية مشبوهة بالقسم الذي يعمل فيه، حاول الخروج من المستشفى كي لا يعتقل أمام زملائه وأمام المرضى، طريقة الاعتقال كانت تنبئ بمصير مرعب.
العناصر المدنية طاردت بدّاح في مستشفى السلمانية، ما اضطره إلى الخروج من المستشفى متجها إلى سيارته، لكنه تفاجأ بسيارتين مدنيتين أمامها في داخلهما مدنيون حاولوا إمساكه تحت تهديد السلاح، لكنه ركض جهة الشرق من المستشفى.
وعند وصوله ناحية "مفروشات سيتي" القريبة من المستشفى، كانت سيارة "جيب" سوداء تنتظره، لاحقته، فلم يجد بدا من الرجوع للمستشفى، وهناك كان حراس المستشفى بانتظاره عند فرع بنك البحرين الوطني إلى جانب القوات المدنية، تجمعوا حوله وقيدوا حركته، كبلوه وعصبوا عينيه، وانهالوا عليه بالضرب والركل أمام مرأى الناس.
منظمة إرهابية وتمويل من الخارج
كان بدّاح يعلم بأن وراء هذا الاعتقال التعذيب والتنكيل، لذا حاول الإفلات، لكنه وقع في قبضة الجلاد. عذبوه حتى كاد يلفظ أنفاسه، يومان قضاهما بدّاح في إدارة التحقيقات الجنائية وهو تحت سياط الجلادين، تم نقله بعدها لسجن الحوض الجاف، وفي عنبر 2 وجد أخيرا من يحتضن ألمه من المعتقلين، فقص لهم كل ما تعرض له.
انتهت وجبة التعذيب القاسية، وبعد اتصالات مكثّفة أجراها حقوقيون مع الصليب الأحمرالدولي، أجرى بدّاح اتصاله الأول مع عائلته " كان صوته ضعيفا ومنهكا جدا".
خلافا للانتقام والتخويف، كان الهدف من التعذيب حمل بدّاح على الاعتراف بتهم ملفّقة منها الاشتراك في تفجيرات، الانتماء إلى "منظمة إرهابية تتلقى التمويل من الخارج" (رابطة الشهداء)، الانتماء لـ"تيار الوفاء"، الارتباط بـ"ائتلاف شباب 14 فبراير"، حيازة قنابل مولوتوف، إدارة مجموعات ميدانية، إيواء المطلوبين أمنيا، بالإضافة إلى معالجة الجرحى، وتهريب الأدوية، وغيرها!
في انتهاك مستمر للقانون، منع محامي بدّاح من حضور التحقيق معه.
بدّاح، جسّد معنى الصمود. لم يذعن للجلادين ولم يعترف. لم يجد النظام و(نيابته العامة) سوى "التجمهر والمشاركة في مسيرة تطالب بإسقاط النظام"، تهمة يوجهها إليه!