حكايته مع المشير وعطية الله... بروفايل (خليل المرزوق): من طلب الحماية الدولية إلى الرد على فيلتمان! (2-2)
2013-10-27 - 3:31 م
مرآة البحرين (خاص): وبعد أن كانت سوسن الشاعر تستضيف القيادي في الوفاق خليل المرزوق في حلقة كاملة من برنامجها (كلمة أخيرة) على تلفزيون البحرين، للحديث عن الوفاق (كحزب سياسي) وعن برنامجها الانتخابي قبيل انتخابات 2010، صار المرزوق اليوم في مرمى الهجوم من كافة وسائل الإعلام الرسمية.
في لحظة الانقلاب على الثورة، ودخول قوات درع الجزيرة إلى البلاد منتصف مارس/آذار 2011، أصابت الصدمة كثيرين، وجعلت تلك الأوقات الرهيبة من قانون الطوارئ جميع الناشطين والقياديين يتحفّظون بالقدر الممكن، كانت هناك حسابات السياسي، وحسابات أي إنسان يخاف على نفسه وعائلته من الانتقام الذي بات كأنه قريب جدا.
ومع أن جميع شخصيات المعارضة والناشطين الحقوقيين باشروا عملهم تدريجيا بشتى الطرق، ومن شتى الأماكن، لكن هناك من تجاوز كل هذه الحسابات، منذ البداية، ولم ينقطع عن العمل والنشاط في كل الظروف، ولذلك ظلت أسماؤهم ترن دائما. أحد أهم هذه الأسماء، المناضل الحقوقي الكبير نبيل رجب، والذي لا زال يرزح في المعتقل.
وكان هناك اسم آخر، لم يتجرأ فقط في تلك اللحظة الرهيبة، على الجهر باستمرار الثورة واستمرار الاحتجاجات واستمرار الموقف السياسي من النظام الحاكم، وانتقاد رأس السلطات ورموز النظام، بل ذهب إلى أبعد من ذلك: إعلان سقوط الشرعية عن السلطة الحاكمة، وطلب الحماية الدولية لشعب البحرين!
مجزرة الخميس: حكومة إنقاذ وطني
بعد 4 أيام من جلسة البرلمان التاريخية التي ترأسها خليل المرزوق، اجتمع وفد من النواب بملك البلاد يوم السبت 12 فبراير/شباط 2011، وكان من بينهم خليل "مطلب الإصلاح السياسي وتطوير التجربة السياسية كان حاضراً في اللقاء" بحسب ما نقل في الصحف، لكن انطباع المرزوق والوفاقيين أن الوقت قد فات فعلا!
وبعد يومين، بدأت أحداث أهم فصل في تاريخ البحرين المعاصر، ثورة 14 فبراير/شباط 2011، التي انطلقت من دوار اللؤلؤة.
وفور إعلان سقوط أول شهيد في الثورة، أعلنت الوفاق تجميد عضويتها في البرلمان، وقالت مصادر إن النواب المستقيلين طالبوا أن يصدر المجلس بيان إدانة لتصرفات الحكومة في 14 فبراير.
تحدث المرزوق في ختام عزاء مفجر الثورة وأول شهدائها علي مشيمع، بمقبرة جدحفص، وقال "نحن ثقتنا في هذه الحناجر وهذه الرئوس الشامخة أنها لن تنجر للعنف ولن تقابل الاعتداء بأي رد" المرزوق قال أيضا إن مطلبنا لن يهبط عن الملكية الدستورية، والحكومة المنتخبة، ليتلقى بعض الاعتراضات التي قالت إن هتافات الجماهير تريد "إسقاط النظام".
ثم بعد مجزرة الخميس الدامي في 17 فبراير/شباط، قدّمت كتلة الوفاق استقالتها النهائية من المجلس.
كان المرزوق من بين الأسماء التي قدّمت بلاغا ضد كبار مسئولي وزارة الداخلية، بشأن مجزرة الخميس، وأصدر المرزوق بيانا خاصا قال فيه إن "المطلب الرئيسي هو إقالة الحكومة بكاملها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من دماء جديدة مؤهلة تبعث الثقة بجموع الشعب بأن هناك جدية للإصلاح" وأضاف أن "المطلوب في التغيير الجذري في نظامنا السياسي أن يكون الشعب هو مصدر السلطات الحقيقية، ولا تنحصر في شخص أو أسرة أو كيان، بنظام لا يسمح باستئثار أحد ولا تهميش أحد ولا ظلم أحد".
وفي تصريح لإحدى وكالات الأنباء قال المرزوق "كان هناك تسريب من أحد المسئولين أن الاعتصام سيقمع، ونحن قلنا لهم إنه لا توجد قوة في البحرين يمكنها أن ترجع أولئك المواطنين إلى بيوتهم دون أن تكون هناك خارطة طريقٍ سياسية".
وقال أيضا "عندما تكون البحرين حليفا استراتيجيا لأكبر دولة في العالم، فعلى هذه الدولة أن تعرف ما الذي يجري بشكلٍ حقيقي هنا، ليست هذه دعوة للتدخل الأجنبي، لكن هذا الشعب الأعزل لا يمكن أن يترك دون حماية".
كرر المرزوق طلب الحماية الدولية في حديث مقتضب إلى قناة الجزيرة بعد الضربة الأولى للدوار.
نائب رئيس البرلمان... على منصة اللؤلؤة
نائب رئيس البرلمان، على منصة دوار اللؤلؤة، في أيام الثورة الأولى. كان هذا هو المشهد بالوصف الدقيق.
يؤكد الشيخ علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق، أن حضور خليل المرزوق إلى منصة الدوار، كان بتكليف مباشر من الجمعية. "كان خطابه متزنا، لم يأخذه زهو الدوار ليكون غير واقعي، وتفاعل مع طموح الناس ومشاعرهم، ولكنه كان سياسيا، حسابات الإقليمات والبعد الدولي حاضرة في ذهنه على الدوام".
خليل جريء، بالبعدين، تجاه النظام، وتجاه الحالة الشعبية، التي طرحت مطلب إسقاط النظام "لقد كان غير مقتنع به" يقول الشيخ سلمان.
ارتقى المرزوق منصة الدوار أكثر من مرة، أحد خطاباته شهد حادثة مهمة، هي تلقيه اعتراض ولوم الجماهير، حين تحدث عن الحوار مع السلطة تحت مطلب الملكية الدستورية، كانت ردة الفعل أن أحد الشبان رماه بعلبة ماء "خليل اعتبر الحادثة اختلافا في وجهات النظر، لم يعقه ذلك بأن يصعد المنصة مرة أخرى، لم يتحدث عن هذه الحادثة، هو يسامح ويمشي" يقول سلمان.
"في أيام الدوار كان المرزوق يتحرك في المخيمات الشبابية والساخنة وكان يتلقى أسئلة صعبة من قبل الجماهير، كان يشرح لهم المطالب السياسية ومفهوم الملكية الدستورية وهي أكثر المواضيع التي تحدث فيها، لم يواجه الهجوم عليه إلا بالرد الحسن، كنا معا في معظم الأوقات وكنت أشاهد تحمله لأصعب اللحظات التي يقول فيها رأيا يختلف عن رأي الجماهير ليوضح موقف الوفاق بشكل جريء من الحراك" النائب المستقيل علي الأسود.
كان المرزوق يرى أهمية وجود حراك متنوع ومنضبط، لكنه توقع أن السلطة لن تقدم تنازلات بسهولة، وعليه كان يرى أن الحراك سيحتاج إلى نفس طويل.
المفاوض المباشر
اعتمد المرزوق كمفاوض مباشر للنظام بعد أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، في المفاوضات التي جمعت المعارضة مع ولي العهد البحريني سلمان بن حمد آل خليفة، منذ 16 فبراير/شباط 2011، وخلال الشهر الذي شهد الاعتصام المركزي في دوار اللؤلؤة."التقيت ولي العهد في عدة جلسات، ثم التقاه خليل على رأس الفريق، وكان يستقبل بنفس المستوى" سلمان.
"خليل مؤمن بالثورة وبالإصلاح الجذري الحقيقي، ومنفتح على الحوار كطريق للوصول للحل، بنظره الثورة يجب أن تستمر والمطالبة بكل أدواتها يجب أن تستمر، ولكن يجب أن تتناغم، لا يوجد تناقض في أن تحويل الثورة إلى منجزات يحتاج إلى حوار وتفاوض. هو ثوري ومفاوض، متمسك بالحقوق والمطالب التي يجب أن تنجز" سلمان متحدثا.
كان المرزوق لا يرجع إلى منزله إلا قريب الفجر منذ أن بدأت الثورة، كان يحلل كل ما يصدر من مواقف رسمية، ويقف على كل التطورات طويلا، "موقفه من مبادرة ولي العهد كان إيجابيا ولكنه كان حذرا" النائب المستقيل علي الأسود.
في أحد المؤتمرات الصحفية لاحقا، قال خليل المرزوق "لا أكشف سراً أن قيادات بالوفاق اتصلت مباشرة مع سمو ولي العهد حتى 13 مارس/ آذار الماضي، كان هناك وفد من قبل سموه، ونتج عن هذا التواصل المبادئ السبعة، لكن من لا يريد الحل السياسي أنهى هذه المبادرة"
كان ولي العهد قد أصدر في 13 مارس/آذار 2011 بيانا تاريخيا، قال فيه إننا قد "بيّنا موافقتنا على ما تم طرحه للحوار من مبادئ، ومن ضمنها: مجلس نواب كامل الصلاحيات، حكومة تمثل إرادة الشعب، دوائر انتخابية عادلة، التجنيس، محاربة الفساد المالي والإداري، أملاك الدولة، معالجة الاحتقان الطائفي".
وصف المرزوق مبادرة ولي العهد بالشجاعة، وأنها تعبر عن نية حقيقية للإصلاح.
في 14 مارس/آذار 2011 دخلت قوات درع الجزيرة إلى البلاد، لتدخل البحرين منعطفا جديدا مع إعلان حالة الطوارئ في اليوم الذي يليه، ومن ثم الهجوم على اعتصام دوار اللؤلؤة وبدء حملات القمع التي طالت تيار المعارضة بجميع المستويات.
انقطعت اتصالات المعارضة بولي العهد منذ ذلك اليوم، وحتى فترة طويلة.
لاحقا وفي عدة مؤتمرات صحفية كشف المرزوق بعض المعلومات عن تلك اللقاءات، وقال إنه "في الأسبوع الأول من تواصلنا مع ولي العهد نقل لنا دبلوماسيون غربيون كبار أن القوات السعودية ستحضر للبحرين إذا لم تنهوا توافقكم مع ولي العهد وتوقفوا التظاهر، وردنا كان: عليكم أن توقفوهم لأن ذلك سيفتح الأزمة في البحرين على مصراعيها".
في مؤتمر آخر، أكد أنه كان هناك تعاط إيجابي وتواصل مع مبادرة ولي العهد، وقال إن "مبادرة ولي العهد أُلغيت من العسكر، ولم تنهها المعارضة، لأن المعارضة جاوبت بإيجابية حينها، ولكن نؤكد أنه لم تكن هناك نية حقيقية للإصلاح، ولما أن تقدم ولي العهد بمبادرة السبع نقاط بشجاعة تم إجهاضها في أقل من 24 ساعة".
كان المرزوق يشدد على أن من يحاول أن يقول إن مبادرة ولي العهد للحوار قد انتهت وفشلت، هو مخطئ.
مع فيلتمان في 15 مارس: لن نرفع الراية البيضاء
"وردا على وصول قوات مجلس التعاون الخليجي أصدر السيد/ خليل المرزوق النائب السابق لرئيس مجلس النواب وعضو الوفاق بيانا أعرب فيه عن رأيا مفاده أن استخدام قوات دول مجلس التعاون الخليجي يعد بمثابة مواجهة للمطالب الشعبية بصورة غير شرعية ومخالفة للقواعد القانونية. كما أضاف البيان إلى أن الدعوة الموجهة إلى قوات أجنبية ﻻ يمكن تفسيرها إﻻ أنها عﻼمة على أن السلطة الحاكمة في البحرين قد فقدت شرعيتها، وأن ذلك اعترفا بعدم قدرتها على معالجة الوضع الداخلي مما اضطرها لطلب المساعدة الخليجة" تقرير لجنة تقصي الحقائق، الفقرة 502
دخل خليل المرزوق ورفاقه في المعارضة مرحلة جديدة من العمل السياسي بعد دخول قوات درع الجزيرة إلى البلاد لإخماد الاحتجاجات المناهضة للنظام، ظل المرزوق وجماعة من قيادات الوفاق يتواجدون يوميا في مقر الجمعية دون انقطاع، حتى في أقسى الظروف التي كانت تمر بها البلاد، ويبيتون في بيوتهم وهم على أهبة الاستعداد لزوار الفجر.
ومع استمرار الجمعيات السياسية في إبداء مواقف واضحة من التطورات السياسية والأمنية المرعبة، من خلال الاتصال بالبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وعقد المؤتمرات الصحفية والحديث لوسائل الإعلام، مثّل المرزوق رأس حربة في هذه الجولة.
وبخلاف البيانات والمؤتمرات الصحفية، سجّلت للمرزوق منذ ذلك اليوم عشرات اللقاءات الإعلامية للقنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء والصحف الدولية وغيرها، كما استخدم حسابه في "تويتر" منذ ذلك الوقت، وكان أهم ما أدلى به تكرار طلب الحماية الدولية للشعب خلال حديث لقناة الجزيرة.
وبرز المرزوق أيضا في اجتماع المعارضة بمساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق جفري فلتمان، في 15 مارس/آذار 2011، وقد نتج عن هذا الاجتماع مبادرة أمريكية قبلت بها المعارضة وقد كانت تقتضي تشكيل حكومة انتقالية في غضون 60 يوما، وبقاء المتظاهرين في دوار اللؤلؤة، واقترح تنفيذها برعاية إقليمية وبمراقبة من قبل حكومة الوﻻيات المتحدة، لكن النظام رفض هذه المبادرة وسواها، ومضى قدما في خطة الانتقام و"التطهير".
نقل وقتها أن المرزوق قال لـ"فيلتمان" إننا "لن نرفع الراية البيضاء".
كان خليل عضوا في فريق وصول المعلومات إلى لجنة تقصي الحقائق، وفريق جنيف (المعني بجلسة المراجعة الدورية الشاملة لسجل حقوق الإنسان في البحرين بمجلس حقوق الإنسان في جنيف)، رأس خليل عددا من الفرق واللجان ذات مهمات محددة، وكان الهدف العام أن تصل رؤية المعارضة ومعلوماتها للمنظمات الدولية وحكومات العالم.
يترأس المرزوق لجنة الشئون الخارجية في الجمعية، وبحكم علاقاته الدبلوماسية الواسعة، يؤكد الشيخ علي سلمان أنه كان حلقة الوصل الرئيسة بين الوفاق وسفارات الدول الغربية، وأنه لعب دورا مهما في الاتصال بالبعثات الدبلوماسية.
رأس المرزوق فريق الوفاق المشارك في منتدى الحوار الوطني، الذي دعا له الملك في يوليو/تموز 2011، وكان هو من مهّد لقرار قوى المعارضة المشاركة في المنتدى، والذي كان محفوفا بكثير من الجدل، وذلك بمؤتمر صحفي قال فيه "نعلم وتعلمون أنه حوار غير جاد ولن يثمر، لكننا أردنا أن يصل صوتكم لكل العالم، ابتداء من الداخل وانتهاء بكل بقعة عالمية"، قاطعت الوفاق المنتدى لاحقا بناء على توصية قدمها المرزوق للأمانة العامة.
وكان المرزوق هو من ألقى خطاب المعارضة الذي أعلن مقاطعة الانتخابات التكميلية، وكان أحد الخطابات الهامة فيما بعد فترة الطوارئ.
الاستعداد للتحول السياسي، وبناء الدولة
في تلك الأثناء، ظل خليل يحاول أن يقدم بعض المشاريع والخطط التي قد تساعد في حلحلة الوضع الراهن، يؤكد سلمان أنه قدم ورقة لوزارة الداخلية حول كيفية المحافظة على التجمعات السياسية وتجنب المصادمات الأمنية "على الرغم من كل الضغط الذي نعانيه، لم يتوقف تفكيره عن الحل، كان مستمرا في تقديم البرامج والأفكار والخطط وأوراق العمل".
هو صاحب فكرة الديمقراطية التوافقية، ومن عمل على تنضيجها، وهو من ناقش فكرة المخاوف دلى الأطراف الموالية للنظام من التحول الساسي وكيفية مواجهتها، وقد كان عنصرا بارزا في فريق المعارضة الذي سافر للاطلاع على تجربتي جنوب أفريقا وإيرلندا.
يكرر المرزوق في خطاباته للجماهير ضرورة العمل من الآن على بناء الدولة الجديدة، وضرورة أن تكون الخطط والدراسات غير محصورة في الصراع السياسي الآني، بل تتعداه لما بعده، بدءا من شكل النظام الانتخابي، وانتهاء بمشاريع التنمية والبناء. يؤكد الشيخ علي سلمان أن المرزوق قدّم فعلا عددا من السيناريوهات لتطورات المستقبل.
لكن خليل يكرر دائما أنه لا يريد مواصلة العمل السياسي بعد مرحلة الثورة، في حين يؤكد الشيخ علي سلمان مجددا، في حديثه لـ"مرآة البحرين"، أن خليل أحد شخصيات المعارضة المرشحة لقيادة البلاد.
تهديدات وتحقيق
استدعي المرزوق من قبل النيابة العامة العسكرية للتحقيق وذلك في آخر يوم من فترة الطورائ،31 مايو/أيار2011، إلى جانب الشيخ علي سلمان وآخرين. كان الهدف أن تلفق لهم قضية تبقى ملفا مفتوحا في الأدراج لحين الحاجة، لكن ملفها انتهى. واستدعي خليل مرة اخرى من قبل النيابة العامة على هامش مداخلة أدلى بها لقناة الميادين، لكن أية قضية لم تحرك ضده.
كحال العديد من القياديين، تعرض خليل للعديد من حوادث التهديد، كان بعضها عبر اتصالات هاتفية ورسائل نصية، وبعضها عبر تويتر، كما تعرض للمطاردة بالسيارة، ولا تزال سيارات مدنية تراقب منزله وتحركاته حتى هذا اليوم، وتعرض منزله قبل عام للسرقة.
"دائما نتوقع خليل في الأسماء الأولى من المعتقلين" يقول الشيخ علي سلمان "من أيام السلامة الوطنية، نبحث في الإنترنت، عمن اعتقلوه، ونفتش عن اسم خليل المرزوق. التدخلات الدولية هي التي منعت اعتقاله وقتها".
من يريد رأس خليل المرزوق؟
"كل النظام" يقول الشيخ علي سلمان مجيبا. يرى مقربون من المرزوق أن الفكرة وراء اعتقاله هي أن يضعف الشيخ سلمان.
ورغم أن خطابه الأخير في قرية سار أثار حفيظة النظام على ما يبدو إلا أنه لم يكن السبب الوحيد في اعتقاله كما يرى البعض "لقد جمعوا عليه ملفات كثيرة من السابق، كل أجنحة النظام لا تحبه".
ولكن لماذا؟
حين كان نائبا في البرلمان، في دورة 2006، تصدى خليل لملف التمييز، وتقدم بأكثر من سؤال لوزير شئون مجلس الوزراء أحمد بن عطية الله آل خليفة (وهو الوزير المسئول عن مخطط البندر المعروف، وقد أقيل بعد اندلاع احتجاجات 14 فبراير/شباط 2011).
مداخلة المرزوق التي جاءت بعد استجواب عطية الله (الذي حظي بكثير من الجدل)، كانت مداخلة حادة هاجم فيها الأخير بشدة وسخر من أدائه، واعتبر الأرقام التي قدمها فضيحة سكانية، واتهم الجهاز المركزي للإحصاء (الذي يعتبر الوزير مسئولا عنه) بتزوير إحصاءات السكان، والعبث بها لإخفاء جريمة التجنيس.
إلى جانب رئاسته الجلسة الأخيرة التي حضرها نواب الوفاق، والتي شهدت تجاوبا كبيرا مع ثورة 14 فبراير ومطالبها، كان حضور المرزوق في البرلمان ثقيلا جدا على أطراف عدة في النظام، وجهات محسوبة عليه.
في تشييع الشهيدة بهية العرادي، والذي كان حدثا استثنائيا في فترة الطوارئ، حيث جاب عشرات الآلاف من المشيعين بجثمان الشهيدة شوارع العاصمة المنامة، مطلقين هتافات مناوئة للنظام والملك رغم كل الأجواء الأمنية المرعبة، ألقى خليل المرزوق خطابا في الحشود، باللغتين العربية والإنجليزية.
كان هذا الخطاب حالة نادرة في كل مسيرات التشييع التي حدثت وقتها، حالة التوتر الأمني الشديدة جدا كانت تمنع مثل هذه الخطابات، إلا في المساجد. حمّل المرزوق النظام المسئولية عن قتل الشهيدة بهية، وقال إن الشعب لن يعود الى الخلف وإن زمن الخنوع والذل انتهى، كما وجّه رسالة للجاليات الأجنبية مفادها "أننا دعاة سلام وأننا سوف نحميكم ونفديكم بدمائنا" وطالبهم بنقل صورة الاحداث الحقيقة لحكوماتهم.
وبعد عام، وفي تأبين ذات الشهيدة، ألقى المرزوق خطابا حادا سمى الأشياء بمسمياتها. فمن العاصمة المنامة أيضا، شنّ خليل هجوما حادا على كل من المشير خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة الدفاع، ورئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، وقال إن مكانهما السجن لو كان هناك قضاء عادل، وحذّر المرزوق من تغير سقف المطالب السياسية إذا لم يحدث أي حل سياسي الآن.
لم تقف خطابات المرزوق الحادة والتي يعتبرها الكثير من شباب 14 فبراير خطابات ثورية متناسبة مع المرحلة، لم تقف عند هذا الحد. فهو الذي وصف النظام في البحرين بالغابة التي يتحكم بها الملك والعائلة الحاكمة، وأنه لا يوجد نظام سياسي حقيقي ولكن شكلي، وهو من قال في مؤتمر صحفي رسمي إن هذه الثورة تريد تغيير كل المفاهيم، بدءا من مفهوم الملك، ورئيس الوزراء، وقائد الجيش، وغيرهم، ليكونوا خدما للشعب لا العكس.
وبالإضافة إلى الحلقة المثيرة من برنامج الاتجاه المعاكس، والتي أثار فيها المرزوق ثائرة وزيرة الإعلام سميرة رجب، وأخرجها عن طورها بالحقائق والآراء التي كان يطرحها بشكل مباشر وحاد، كان المرزوق أيضا يتحدث أكثر من مرة عن العودة إلى دوار اللؤلؤة، وفي إحدى مداخلاته التلفزيونية قال المرزوق "يوجد من يقول في البحرين يسقط حمد، وعلى الملك أن يستمع لشعبه ويسأله لماذا تقولون يسقط حمد؟"
ومنذ يوليو/تموز 2011 وخليل المرزوق يقدم تحيته لشباب 14 فبراير، ويحثهم على التزام السلمية، كان يقول إننا جميعا شباب 14 فبراير، وهو لم يأت بجديد في خطابه الأخير حين حيا ائتلاف 14 فبراير، ووقف ضد وصفه بالإرهاب.
اعتقال خليل المرزوق
في 17 سبتمبر/أيلول استدعي خليل المرزوق للتحقيق، وأمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيا 30 يوما، وقالت النيابة إن تحرياتها أثبتت أن المرزوق على صلة بتنظيم ائتلاف 14 فبراير "الإرهابي".
"نحن مساندون للائتلاف، والفاصل بيننا وبينكم العنف. الائتلاف وجد ليبقى، وتمرد وجدت لتبقى، والجمعيات وجدت لتبقى، إلى أن تتحقق هذه المطالب، لكن السلطة لم تفهم عنوان 14 فبراير، ظنت أنها مسيرة أو مسيرتين، أو دوار تهدمه، ما حدث في 14 فبراير هو انعطاف، ولم يعد الشعب بإمكانه أن يقبل بفكر الغزو". خليل المرزوق في خطابه الأخير.
خلال التحقيق عرض على المرزوق تسجيل لخطابه، الذي قال فيه أيضا "نريدكم أن تكونوا موجودين، تمسكوا بالأطر السلمية، نشجع كل القوى الشبابية أن تمارس عملا ثوريا سلميا. لا نؤيد العنف ولا نحض عليه"، كان التسجيل بحد ذاته دليل براءة لا اتهام.
المحقق لم يجد مخرجا سوى أن يقول لخليل "أنت تدعو للسلمية في خطاباتك للتغطية على الإرهاب"! لم يخل التحقيق أيضا من محاولات لتوريط الشيخ علي والشيخ عيسى قاسم بتهم شبيهة. وبعد أيام زادت التهم الموجهة ضد خليل، وأضيف إليها "التحريض على تغيير النظام السياسي".
"خليل المرزوق أكثر شخص يعري النظام في البعد السياسي، كدليل على أنه يعتقل المطالبين بالحرية والديقمراطية، هو أفضل من يوضح هذه الصورة على الإطلاق... نبيل رجب في الجانب الحقوقي وخليل في الجانب السياسي" يقول الشيخ علي سلمان.
"لن يستطيع النظام أن يقنع أحدا غير أقلامه المأجورة بأن اعتقال خليل مشروع، سيدفع النظام ضريبة كبيرة جدا على اعتقاله" يضيف سلمان، "من يتجه لخليل ستتكسر مجاديفه"
"بالمجمل خليل فضيحة للنظام. تستطيع أن توجه القضاة لأن يحكموا عليه بالسجن، لكنك لن تقنع أي أحد في الدنيا أن هذه المحاكمة القضائية عادلة".
وعلى من الدور قادم؟
"شعب البحرين كله في سجن كبير، وانتقال أحد من هذا السجن إلى سجن أصغر، مفتوح" يقول الشيخ علي سلمان، "كلها مناوشات ومحاولات في ربع الساعة الأخيرة، لن يستطيع أن يكسر النظام هذا الشعب، تم تجاوز كل هذا ودفع تكاليفه وتأصيله، الشعب لن يعطي النظام الاستبدادي مشروعيته والموضوع موضوع وقت. "
"من وجهة نظري : الدور القادم على السلطة، حيث ستبقى في سجن المجتمع الدولي الذي سيظل يدينها" النائب المستقيل علي الأسود.
هامش:
- مرآة البحرين: المرزوق يحذر من تغير سقف المطالب ويهاجم المشير ورئيس الوزراء: مكانهما السجن
- مرآة البحرين: الوفاق ترفع علم الائتلاف في سار: الحوار حول وثيقة المنامة أو "ما لا يعلم الا الله مآله"
- الحلقة الأولى