اختار أن يرحل شهيدا... «النشمي» من التعذيب إلى الحرمان من العلاج !
2013-10-11 - 6:18 م
مرآة البحرين (خاص): اختار يوسف النشمي (31 عاما) أن يرحل شهيدا، بعد أن تعرض للتعذيب وسوء المعاملة داخل السجن، وتم نقله للمستشفى إثر تدهور حالته الصحية بعد حرمانه من الرعاية الطبية اللازمة.
النشمي، الذي اعتقل خلال احتجاجات تمرد التي شهدتها البحرين منتصف أغسطس/ آب الماضي، تم اقتياده إلى سوق جد حفص والاعتداء عليه، قبل أن يتم اعتقاله ليستمر مسلسل الإساءة.
أدخل قبل 18 يوما إلى المستشفى، بعد حرمان من العلاج استمر لقرابة الشهر، فيما كان يتناول أدوية تسببت له بفقدان للذاكرة، لم يتم صرفها بوصفة طبية، بعد أن رفضت إدارة السجن استلام أدويته التي يتعالج بها عن إنفلونزا شبه دائمة.
ورغم أن النشمي أدخل المستشفى في حالة موت سريري، إلا أن النيابة العامة رفضت الإفراج عنه "ووجدت ضرورات التقاضي مقدّمة على ضرورات العلاج" - حسب فريق الدفاع-.
تدهور صحته، وتحذير التقرير الطبي من احتمالية وفاته، دفع المحكمة الثلاثاء 8 أكتوبر/ تشرين الأول إلى إخلاء سبيله، إلا أن ذلك لن يشفع للقضاء وعدالته الزائفة.
القصة الكاملة
في يوم السبت، الموافق 17 أغسطس 2013، كانت هناك دعوة لاعتصامات في عدد من المناطق في البحرين، وكانت إحدى هذه الإعتصامات بالقرب من دوار إسكان جدحفص. تقول عائلة يوسف بأنه كان ذاهبًا لمنزل شقيقته، الذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن موقع الاعتصام.
بعد أن تجمع المتظاهرون في المنطقة، حاول الخروج للشارع فمنعته شقيقته، ولكنه أصر على الخروج. في هذه الأثناء، كانت قوات الأمن قد بدأت بقمع الاعتصام ومطاردة المتظاهرين. حاول يوسف العودة ولكن ألقي القبض عليه بالقرب من المنزل، ثم اقتيد من قبل قوات الأمن لقرب منطقة سوق جد حفص، حيث اعتدوا عليه لفظيًا وجسديًا، وقاموا بشتم مذهبه كونه من الطائفة الشيعية. وبعدها تم أخذه لمركز شرطة الخميس.
عندما سمع شقيق يوسف عن اعتقاله توجه إلى مركز شرطة الخميس ومركز شرطة المعارض، وكلاهما نفيا وجوده. في الساعة الحادية عشر مساءً من نفس اليوم، تلقى شقيقه اتصالاً هاتفيًا من مركز شرطة الخميس يطلبون منه بطاقة هوية يوسف. عندما توجه شقيقه إلى المركز وطلب مقابلة يوسف رفضوا، وأخبروه بأن أخاه سيعرض على النيابة العامة في اليوم التالي الأحد الموافق 18 أغسطس 2013. تم أخذ يوسف في اليوم التالي إلى النيابة العامة دون حضور محام.
بعد أسبوع، وبالتحديد يوم الإثنين الموافق 26 أغسطس 2013 تلقت عائلته أول اتصال منه يخبرهم بأنه في اليوم التالي، الثلاثاء الموافق 27 أغسطس 2013، ستكون له أول زيارة وطلب بعض الأغراض وأبلغهم بأنه محتجز في عنبر 9 بسجن الحوض الجاف. وخلال الزيارة أبلغ يوسف شقيقه عن تعرضه للإهانة اللفظية والضرب باللكمات والهراوات مع التركيز على الوجهه واليدين، وعندما أبلغوه بالتهم الموجهة إليه، رفض الاعتراف بها في البداية، ولكنه اعترف بعد التعذيب.
وفي الزيارة الثانية حمل شقيقه الأدوية التي يستخدمها يوسف عن الإنفلونزا التي يعاني منها غالبًا بسبب مشاكل في البلعوم، ولكن إدارة سجن الحوض الجاف رفضت استلام الأدوية بحجة أنها قديمة. حاولت العائلة أخذ الدواء مرة أخرى في الزيارة الثالثة، بعد أن حصلت على موافقة من طبيب السجن، وأضاف الأخ بأن وضع يوسف يزداد سوءا، كان يبدو أنه لا يعي ما يقول ولا يتفاعل مع العائلة أثناء الزيارات. وأضاف بأن إدارة السجن تعطي يوسف دواءً غير معروف يسبب فقدان جزئي للذاكرة وتجعله يقول أشياء غريبة، على سبيل المثال، خلال الزيارة الأخيرة، كان يصر بأن شقيقاته لا يحبونه.
أبلغ أحد المعتقلين المفرج عنهم، والذي كان يقيم مع يوسف في نفس عنبر السجن، أبلغ شقيقه بأن حالته تتدهور، كما أنه نادرًا ما يتحدث إلى أي شخص، ولا ينام جيدًا، ويجلس دائمًا لوحده، وأضاف بأنه في وقت النوم خصوصًا يبدأ يوسف بالتحرك من مكان إلى آخر، كما يشتكي دائمًا من ألم في الرأس ويحادث نفسه.
وفي يوم الخميس، الموافق 19 سبتمبر 2013م، تلقى شقيقه اتصالًا يفيد بوجود يوسف في مستشفى السلمانية بسبب سوء حالته، وعندما ذهب شقيقه لرؤيته، نفى المستشفى وجوده هناك. في وقتٍ لاحق تأكدت العائلة من أن يوسف كان في المستشفى على الرغم من نفي الإدارة وجوده.
مركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي وثق قصة النشمي كاملة، كان قد أعرب عن قلقه الشديد إزاء حملات الاعتقالات التعسفية والوحشية المستمرة التي تقوم بها السلطات البحرينية دون أمر قضائي أو أساس قانوني. واستنكر "استخدام التعذيب والتهديد كسياسة لانتزاع اعترافات كاذبة"، وعادة ما يلي ذلك حرمان من العلاج الكافي خلال فترة السجن، على الرغم من تقديم التقارير الطبية في بعض هذه الحالات، قبل أن يذكر تفاصيل اعتقال النشمي وتعرضه للتعذيب والحرمان من العلاج.
المحامية زينب عبد العزيز قالت "نتيجة لإهمال إدارة محبسه في متابعة حالته الصحية، وكفالة حقه في التداوي، دخل يوسف في حالة أقرب للموت السريري إثر إصابته بتورم دماغي"، فيما أكد الطبيب المعالج أن يوسف مصاب بتورم في الدماغ والتهاب شديد ممّا أدى لإصابته بمضاعفات متعددّة ومن الممكن توصيف وضعه الحالي بالموت السريري.