» تقارير
هل المملكة الدستورية ممكنة؟
2011-06-13 - 8:18 ص
العاهل البحريني حمد بن عيسى والملكة اليزابيث... مملكتان دستوريتان (أرشيف)
مرآة البحرين (خاص): نظّم تجمّع شبابي مؤخراً جلسة نقاش خاصة، استضاف فيها أحد المثقفين الشّباب للحديث حول التأثير الإقليمي والدّولي على أحداث البحرين، وحجم هذا التأثير على مجريات الأمور. في أوّل النّدوة أشار الضّيف إلى سياق تاريخي يتعلق بالسّنوات العشر السّابقة "التي تمكّن فيها عاهل البلاد الحالي الشّيخ حمد بن سلمان من سحْب بساط السّلطة المطلقة من عمّه رئيس الوزراء الشّيخ خليفة بن سلمان، وذلك عن طريق قوّة الجيش المتمثلة بالشّيخ خليفة بن أحمد – الذي حمل لقب المشير بعد عملية "الفاروق" – وذلك في مقابل زيادة صلاحيات الخوالد".
ويضيف: "ثورة ١٤ فبراير وتأثيراتها لم تسمح بتواجد تلك الكثرة العددية في السلطة، ومهما كان نموذج المملكة الدستورية القادم؛ فإنه سيؤدي تدريجيا الى تفرّد الملك وأبناؤه بالسلطة، وبالتالي تقليص مكانة الشيخ خليفة بن سلمان وفريق الخوالد". من هذه الزّاوية، يفسّر المتحدّث لجوء أولئك إلى إعادة "صياغة علاقتهم البينيّة"، ولكن من خلال الاستناد إلى القوّة "السعودية، وتحديداً من خلال نفوذ نايف بن سعود".
ما الذي قام به هذا التّحالف؟ يوضّح بأن أوّل ما قام به هذا "التحالف الجديد (هو) تقويض وتعطيل عدد من القرارت للملك حمد وولي عهده الشيخ سلمان"، مستدلاًّ على ذلك بالإشارة إلى واقع "الشارع السّني (الذي) ينقسم بين منْ تآلف مع سلطة الملك حمد، وطرف آخر يرى في التحالف الجديد آخر سور يحمي مكتسباتهم".
ويختتم الضّيفُ هذا المحور بطرح سؤال مفاده: "هل سنرى الملك حمد وابنه - اللذين خسرا الكثير من سلطتهما- يستقويان بالمعارضة الدّستورية، أي ببرلمان قوي ذي صلاحيات، يُعين الملك وابنه في مقابل تقويض سطوة التحالف؟".
في محور القِوى الأجنبيّة، يؤكّد الضّيف "حقيقة أنّ سقف التغيير الدّيمقراطي البحريني والخليجي منوط بموافقة السّلطات السعودية"، مشيراً إلى السياق التّاريخي المتعلق بحادثة برجي نيويورك، حيث "بدأت القوى الغربية محاولة قطف ثمار تداعياتها، وتقليص مخاطرها، عن طريق تفكيك أنظمة الشرق الأوسط والمحافظة على نفوذها فيها في آن واحد".
يُفضّل المتحدّث التفريق بين "تغيير أنظمة معزولة مثل نظام صدام حسين، وبعده تونس ومصر"، وهو أمر سهْل، وسيكون "محتوماً مع ليبيا"، وبين "تغيير الأنظمة التي تستعين بشعوبها -الواعية أو المختوم على أدمغتها- (وهو) كان وما زال أمراً ضرره أكثر من نفعه، كما هو الحال في الصومال وأفغانستان".
من هذه الزّاوية، يقول المتحدّث بأن "الغرب (حاول) الاستعانة بآلية المُقاربة لتحرير مخيال الشعوب العربية، وقد حاولوا استخدام النّموذج التركي، لتحريك مخيال الشعوب العربية. لكنه ثبُت عدم فعاليته لشعوب الخليج" كما يقول الضّيف الذي يستطرد متسائلاً: "هل هناك نموذج أكثر فعّالية من النّموذج الإخواني المصري لهذه المنطقة؟".
يقول: "لقد شدّ انتباهي انشداد عقول وقلوب نخبة السّياسيين الأمريكان لبزوغ النموذج المصري الجديد. كانوا يفركون أيديهم، ولعابهم يتقاطر! يتغنّون بكلمات واثقة: حانت فرصة ضرب الفكر الوهابي"! من هنا، وبحسب التفكير الغربي الأميركي، فإنّ "دولة عربية ديمقراطية بصبغة دينية مثل مصر، هي أفضل مقاربة لمخيال الشّعوب السّلفية المترنّحة بين الالتزام بالدين الإسلامي والنموذج الدّيمقراطي الغربي".
من جهةٍ أخرى، يقول المتحدّث بأنّ هذه المسألة لم تكن غائبة عن "وعي قيادات آلِ سعود"، فهؤلاء أعدّوا ما استطاعوا منذ زمن بعيد "عبر نشْر فكرهم الوهابي في أوساط المجتمعات الإسلامية، وبالخصوص الخليجية، وكذلك إنشاء مذاهب مضادة تسعى لضرب فكر الإخوان من جهة أخرى، وآخرها "الأثرية" أو كما تُسمّى "الأثر"، وهي حركة تكفيرية تمّت صناعتها في أروقة المخابرات السعودية بمعية نايف آلِ سعود، وفكرها كله يتمحور حول طاعة ولي الامر وتكفير الإخوان المسلمين".
يربط المتحدّث قرار الملك حمد بن سلمان الأخير، والمتصل بمراكز تحفيظ القرآن، بوصفه محاولة لوقف سيطرة الأثرية في المراكز، و"خصوصاً بعد شكاوي وتذمّر الأزهريين والإخوان من تغلغلهم في البحرين".
يختتمُ الضّيف محاضرته بجملة من الأسئلة: "هل سينجح النّموذج المصري في التّأثير على المخيال السّعودي الشعبي، وبالتّالي في عزل آل سعود وتهميشهم"، وهو ما يعني "إرخاء قبضتهم على إرادة شعوب منطقة الخليج وحكّامها على حدّ سواء؟". وبتفائل أكثر يتساءل "عن قدرة الفكر الوهابي في الاستمرار في ظلّ ما يعانية من صراع بين سندان شيخوخة قياداته السّياسية، ومطرقة الثورات الديمقراطية العربية؟"