» تقارير
مواكب العزاء: دموع الشعائر أم دموع المسيلات
2011-06-09 - 3:26 م
مرآة البحرين (خاص): فيما صدر بيانان عن وزارتي الداخلية والعدل، لتبرير القمع الشديد الذي تعرضت له جميع مواكب العزاء الشيعية التي خرجت في مختلف المناطق مساء الأحد الماضي لإحياء إحدى المناسبات الدينية، صدر أمس بيان لكبار علماء الدين الشيعة في البحرين، يتهمون فيه النظام بانتهاك حرية العقيدة.
وقالت وكالة رويترز التي بثت البيان، أن الشرطة البحرينية اشتبكت مع "شيعة" مشاركين في هذه المسيرات بعد أقل من أسبوع من إلغاء البحرين قانون الطوارئ، و بعد يومين فقط من عودة سباق الفورمولا 1 إلى البحرين، في حين قالت الشرطة أنها اتخذت اجراءات ضد "شيعة "كانوا يرددون هتافات مناهضة للحكومة، وأن عدداً منهم قد اعتقل.
ونقلت رويترز عن جمعية الوفاق وشهود آخرين، أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وقنابل صوت لتفريق التجمعات الدينية. ويظهر مقطع فيديو نشر في صفحة الجارديان البريطانية، قوات الأمن تقتحم إحدى القرى بشكل مفاجئ، بينما تلقى إحدى القصائد الدينية، لتباغت المجتمعين حال وصولها بإطلاق كثيف لقنابل الغاز والرصاص.
وقمعت بعض المواكب قبل أن تبدأ، في حين تفرق بعض المحتجين وهم يرفعون شعارات مناوئة بعد قمعهم. ووصف البيان الذي أصدره خمسة من رجال الدين الشيعة البارزين منهم الشيخ عيسى قاسم استهداف الحشود بالانتهاك الصارخ لحرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرمتها، وأضاف أنه ليس هناك مبرر على الاطلاق لممارسات تدفع في اتجاه التأزيم والاحتقان والغضب، وأن التشديد الأمني يجب أن ينتهي وأن تصان الحقوق العامة للشعب.
وقال مراقبون، إن هذا البيان يعبرعن تأجج الصراع المحتدم أساساً بين علماء الدين الشيعة والنظام الحاكم، بعد ما اعتبروه سلسلة استهدافات للطائفة الشيعية ومعتقداتها، كون أغلب المتظاهرين في احتجاجات فبراير ينتمون إليها. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد انتقد في خطابه عن ربيع الثورات، هدم السلطات البحرينية لمساجد الطائفة الشيعية.
وفي تصريح متناقض، نقلت وكالة أنباء البحرين عن طارق بن دينة رئيس الأمن العام قوله " أن بعض المجموعات الصغيرة قامت بالخروج عن القانون يوم الأحد مستغلة ذكرى وفاة الإمام الهادي بالقيام بمسيرات وترديد هتافات سياسية مخالفة في بعض مناطق من المملكة" وأنه "تم القبض على عدد من مثيري الشغب واتخذت الاجراءات القانونية بحقهم لإحالتهم الى النيابة العامة".
وكان تلفزيون البحرين قد أذاع في أحد برامجه مساء السبت، أن مواكب العزاء سيسمح لها بالخروج بعد منعها من قبل وزارة الداخلية فترة السلامة الوطنية، لكن بعض رؤساء المآتم قالوا بعد يوم واحد، أنهم تلقوا اتصالات من الداخلية تفيد بمنعها. في حين أصر المشاركون في تحدٍ واضح ومعلن على الخروج في مواكبهم بمختلف مناطق البحرين.
من جانبها لفتت وزارة العدل والشئون الإسلامية إلى ما سمته "بروز ظاهرة التسييس لمجالس ومواكب وقصيدة العزاء في السنوات الأخيرة، بالشكل الذي مثّل خروجاً على روح المناسبة ورمزيتها" وما تشهده بعضها من أطروحات واصطفافات لا تمت للشعائر بأي صلة.
وأكدت الوزارة في بيان لها، أنها تسعى لإيجاد إطار تنظيمي محدد لخروج مواكب العزاء عبر إجراءات تنظيمية، وذلك بالتنسيق مع رؤساء المآتم، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والجهات المختصة، وأنها ستعمل بالتعاون معهم على الوصول إلى اتفاق يتم بموجه بلورة الشكل التنظيمي المناسب.
يصر المحتجون الشيعة على إضفاء الطابع السياسي للمواكب الدينية معتبرين هذه الشعائر سبيلهم للدعوة إلى مبادئ وقيم كالعدل والحرية والمساواة والمطالبة بالحقوق.إلا أن حركة الاحتجاجات في فبراير الماضي ولتحول دون ظهورها بلون طائفي، حصرت مشاركات المنشدين في منصة دوار اللؤلؤة على إلقاء قصائد سياسية ملحّنة، دون طقوس العزاء المعروفة كاللطم.
وإثر منع التظاهرات والاعتصامات، لم يعد لدى المحتجين إلا المواكب الدينية للتعبير عن آرائهم السياسية، والإبقاء على المطالب. وكان لهذه المواكب سابقاً، دور كبير في تحريك الشارع ورفد الاحتجاجات السياسية، فقد اعتقل أغلب منشدي القصائد في انتفاضة التسعينات، بعد أن ضمّنوا قصائدهم المطالب السياسية وأسماء الشهداء وقادة الحركة.
وفي السبعينات، كانت بداية ما يسمى بموكب الشهيد، والذي يخرج بسرية ودون تجهيزات، إذا ما منعت الحكومة خروج المواكب في العاصمة المنامة، وحملت القصائد العزائية في هذه المواكب تلوينات مختلفة من الشعارات السياسية منها ما كان مؤيداً لشخصيات وطنية يسارية، كالنائب السابق في المجلس الوطني الدكتور عبد الهادي خلف.