لماذا (وعد) ضمن بيان الثلاثي الديمقراطي؟
2011-06-06 - 8:08 ص
مرآة البحرين (خاص): في تسجيل اليوتيوب الذي بثه البارحة عبدالنبي العكري، بدا المناضل السياسي والحقوقي، متفاجئا، من البيان الثلاثي الديمقراطي، نبرة وعد التي لم تعرف الانكسار منذ حملها المناضل عبد الرحمن النعيمي مع رفيق دربه أبومنصور. منذ حملاها معا شوكة في ظفار، وحتى ارتحلا بها في المنافي، التي امتدت بعمريهما معا، قابضين على جمر (مرفوع الهامة أمشي).
تسلمها إبراهيم شريف شجرة سنديان صلبة، أنفاس عبدالرحمن النعيمي، لم تفارق روحها حتى وهو في غيبوبته التي لم تنل شيئا من حصان جمعيته ولا من حلمها في وطن لا يرجف فيه الأمل. كان صوت حسين موسى (الاسم الحركي لعبد النبي العكري) وهو يعبر عن دهشته من هذا البيان، ينطق بتاريخ طويل مستقر، على درب النضال، ربما قرأ فيه نعي رفاق، أو انكسارة عود، أو كبوة حصان.
في استقصائه لسياق صدور البيان، علمت المرآة، عبر مصدر سياسي مطلع أن بيان الجمعيات الثلاث (وعد، التقدمي، والقومي)، تقف وراءه جهود قام بها كل من الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي حسن مدن ورئيس جمعية التجمع القومي حسن العالي خلال لقاءاتهما مع وزيري العدل والداخلية، في إطار لقائه مع القوى السياسية.
ومن خلال هذه التحركات تم التنسيق مع ثلاثة أعضاء من جمعية (وعد) لإصدار بيان من شأنه التوصل إلى تسوية مع السلطة لتهدئة الأوضاع أمنيا وسياسيا مقابل السماح للجمعية بفتح مقرها وممارسة نشاطها.
وكان البيان الثلاثي قد صدر جواباً على (خطاب جلالة الملك حول الحوار) بتاريخ 2 يونيو الجاري، في الوقت الذي ما يزال فيه مقر جمعية (وعد) مشمعا رسميا من قبل النيابة العسكرية، وقد قررت الجمعية عدم التصريح حول أي موقف يجري في البحرين أو خارجها، تجنبا لأي مساءلة قانونية، ولم تنطق الجمعية طوال فترة فرض قانون السلامة الوطنية، ولم يجتمع مجلس إدارتها أو لجنتها المركزية، حتى لحظة إصدار هذا البيان الأخير، محل النزاع بين الأعضاء.
هذا ولم يختلف الوضع كثيرا لدى الجمعيتين ( التقدمي و القومي)، في إصدار البيانات بعد تجميد نشاط (وعد)، أو بالتحديد بعد الضربة الأمنية التي لازالت تديرها السلطة.
شكل البيان صدمة عنيفة لدى كثيرين من أعضاء جمعية وعد، إذ إنه خفض من سقف المطالب، إلى الحد الذي بدا فيه متخلياً عن المطالبة بالإفراج عن أمينه العام إبراهيم شريف الذي يحاكم عسكريا بتهم تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، كما بدا البيان محرجاً لتاريخ جمعية وعد خصوصاً وأن حليفتها (الوفاق) ما زالت تجاري الحراك السياسي، وأصدت بياناً قوياً تعبر فيه عن حق الناس في التظاهر السلمي، باعتباره حقا دستوريا أصيلاً، ومقاومة مدنية لاعنفية.
الهمس واللمز بين أعضاء الجمعية يتزايد يوماً بعد آخر، والانتقادات آخذة في التوسع بين صفوف الأعضاء، وبما فيهم أعضاء من مجلس إدارة الجمعية، بعد أن صعقوا بالبيان الذي لم يعرف عنه أحد سوى ثلاثة في الجمعية أحدهم ليس عضوا في مجلس الإدارة.
وما زاد استياء الأعضاء، هو مباركة جهاز الإعلام الرسمي لهذا البيان، ونشر وكالة الأنباء البحرينية له، فضلا عن نشره في صحف المولاة المعارضة لسياسة الجمعيات الثلاث.
وبحسب ما تم تداوله عبر (الإيميلات) الخاصة للجمعية، انتقدت إحدى العضوات بمجلس الإدارة البيان مؤكده بأنها لا تعلم عنه شيئا، وقالت هذا خارج نطاق السياسة العامة للجمعية.وعلى صعيد اضطر المناضل عبدالنبي العكري بسبب الضغوطات إلى حذف تسجيل اليوتويوب الذي نشره متضمناً موقفه الرافص للبيان.
في هذه الأجواء والبلبة، اجتمع أعضاء اللجنة المركزية، ليتمكن الأعضاء الثلاثة من تبرير موقفهم من إصدار البيان، وبحسب مصادر حضرت الاجتماع قالت " إن الأعضاء الثلاثة اعتبروا البيان بمثابة طوق النجاة الذي يمكن أن ينقذ الجمعية وقيادتها من الاستهداف الأمني" غير أن الكثير من الأعضاء تمسكوا برفضهم للبيان"، وعليه تقرر تشكيل فريق من أعضاء اللجنة المركزية لتصحيح الوضع، وتبقى كلمة تصحيح تنتظر توضيحاً عمليا في الأيام القادمة.
جاء تصريح وزير العدل في يوم إصدار البيان "بأنه لا يوجد معتقلي رأي في البحرين"، بمثابة ضربة قوية على الثلاثي الذي دفع (وعد) باتجاه هذا البيان الشاذ على تاريخها، كان جواباً صريحاً، ليس أمينكم العام معتقل رأي، هو معتقل خيانات وطنية، سنفتح لكم مقركم، بعد أن نحاكم أمينه الخائن
ليست الحكومة وحدها من خذل حسابات الثلاثي، فالدعوة إلى التهدئة وعدم الخروج في مسيرات احتجاجية، من شأنها أن تربك الأمن، واجهها الشارع البحريني بمسيرات ضاجة، واستشهادات باسلة، كانت النساء فيها أعلى صوتاً وأكثر إقداماً، وتوجوها بشهادة زينب التاجر .
بعض المقربين من تيار وعد، أبدوا أسفهم لأن الثلاثي الذي دفع بوعد نحو هذا البيان، كان يقايض مقراً مشمعاً بتاريخ مشع، كما أن هذا البيان سلب المعارضة نقطة من نقاط قوتها، ومنح الحكومة قوة كانت تفتقدها،فالمعارضة بوعد كانت وطنية وبغير وعد ستغدو طائفية، في نظر الإعلام. لقد قاد إبراهيم شريف وعد لدوار اللؤلؤة لتكون دليلا للعالم على وطنية حركة14 فبراير.
بعض الآراء تذهب إلى أن أحد الضغوطات التي أثرت على قادة (وعد) هو الرأي الأمريكي الداعم لمبادرة جلالة الملك بالبدء بالحوار"، في الوقت ذاته لم يكن ذلك مقنعا إلى شريحة واسعة من المراقبين أيضا، خصوصا بعد تصريح الرئيس الأمريكي "إن على حكومة البحرين إيجاد الظروف الملائمة للحوار، ولا يتحقق الحوار الحقيقي مع استمرار سجن بعض أفراد المعارضة السلمية". والتي لم تتطرق لها الجمعيات الثلاث في البيان نهائيا.
إن خطاب الرئيس الأمريكي تطرق إلى مطالب وانتهاكات أقدمت عليها السلطة البحرينية، ولم تستغل في هذا البيان الثلاثي. فهل كان إبراهيم شريف أعز على أوباما من رفقاء دربه.