» تقارير
حروب القصور: أثافي ولي العهد في مهب رياح رئيس الوزراء
2011-06-05 - 11:21 ص
مرآة البحرين (خاص): في البحرين ليس هناك حاكم فعلي واحد، بل هناك سياسات تمارسها عدة أجنحة في الحكم، يمكن للمراقب حتى غير السياسي أن يلحظ صدامات هذه الأجنحة وصراعاتها، سيلحظها في البر والبحر وسيلحظها في خارطة إدارة الأزمة السياسية منذ 14 فبراير.
هناك صراع كبير بين أطراف صانعي السياسة في البلد، ينعكس سلبا في المخطط الاقتصادي لسياسة الجزيرة النامية، فهناك رئيس الوزراء الحاكم الفعلي للبلاد منذ أربعين عاما، وهناك خصومه أبناء أحمد آل خليفة وهم أبناء عمومته إذ قام الملك بتقريبهم للجّم سياسة عمه المتسلطة ونقصد بهم هنا خالد بن احمد وزير الديوان الملكي والقائد العام لقوات دفاع البحرين خليفة بن أحمد والذين يعرف عنهم تصلفهما الكبير، كما ولا نغفل أحد أهم اللاعبين في الساحة البحرينية خلال السنوات العشر وهو ابن أخت المذكورين ونقصد به أحمد بن عطية الله، والذي لقبه الدكتور صلاح البندر في تقريره الشهير بالأخطبوط لدهائه وخبثه.
لدينا نوعان من القيادة المتطرفة، كل منها يشد بساط السلطة جانبه، فرئيس الوزراء المتمكن من أعمدة الدولة التي بناها طيلة تلك السنين، استطاع فرض نظامه التقليدي متخذا من سياسة إدارة الولاءات القبلية والعائلية، استراتيجية للمرحلة التي تسلط فيها.
حين جاء الملك وقرب أبناء عمومته، تقاسم هؤلاء حصة الملك في السلطة ونشروا أذرعهم في بسط سياسة أكثر قسوة. كان رئيس الوزراء قياسا بهؤلاء، يمارس قسوة متحفظة، مجاراة للشعب المنهك والمستاء من سياسة التفريق الممنهجة التي يتبعها والتي ترتب عليها طبقية بيّنه، بين ثراء فاحش وفقر مدقع بسبب فساد حكومته.
في صراعه مع سياسة عمه، اكتسب ولي العهد قوة ناعمة لكنها ليست صُلبة |
على النقيض من هذه السياسات الموتورة، جاءت سياسة ولي العهد، اتسمت سياسته برؤية منفتحة، يعتمد في منهجه على تقوية الاقتصاد، نائيا بنفسه عن السياسة السلطوية التي يتم الصراع عليها في دهاليز قصر الصافرية.
استطاع ولي العهد وانطلاقا من العام 2004 بالتحديد قيادة المملكة إلى العالم الخارجي، بعد أن حظيت إستراتيجيته المعلنة بدعم كامل وتام للبلد، الذي أرهقته صراعات القصور والشوارع معا، من الشعب، دعمه نخبته، ومن العالم الخارجي، دعمته الدول الاقتصادية، إلا أن توجهات ولي العهد "حسنت النية" لم تعجب المتطرفين إذ أثرت على حصصهم السلطوية.
مضى الشيخ سلمان بن حمد، في سياساته الرامية لجعل البحرين بلد الإنجازات في الشرق الأوسط، ففي العام 2004 أسس ولي العهد مجلس التنمية الاقتصادية الذي كان نواة حقيقية لتغيير راديكالي بصبغة ليبرالية، وقد افتتح سياسته بشركة ماكنزي كيتو دي بير المتخصصة في الدراسات والاستشارات المالية الاقتصادية، وأسند إليها تبني دراسة يمكن من خلالها إعادة هيكلة سوق العمل المحلي، متعهدا بتنفيذ كل التوصيات التي تتبناها الشركة، واختار لها أن تكون أجنبية لتلبي له ما كان يتطلع إليه من طموحات.
نجح ولي العهد في التركيز على إصلاح "الثلاث الأثافي" في الاقتصاد الحر، وهي إصلاح التعليم وإصلاح التدريب وإصلاحات سوق العمل ذاتها. وسار في إصلاحاته الاقتصادية حتى حقق حلمه الذي وضع البحرين على مصاف العالمية بعد أن أسس حلبة البحرين الدولية.
في الحقيقة لم يكن نجاح ولي العهد في الإصلاحات تلك فقط، بل قلب الموازين في تبني نهج إصلاحي في اختيار الأكفأ ليس بمعيار المذهبي ولا بمعيار الطبقي، ولا بمعيار الأكثر موالاه للعائلة الحاكمة، فعين وزراء "شيعة" أعانوه كثيرا في المضي في نهج الإصلاح ومحاربة أوجه الفساد المعلنة على الأقل في الدولة، فنجح في سباق السلطة الخفي، وبات رقما مهما في العائلة المتنازعة، لكنه لم يكن رقماً صُلباً.
اكتسب ولي العهد قوة ناعمة لكنها ليست صُلبة، اكتسبها من نجاحاته في الإنجازات الاقتصادية التي استطاعت أن توفر قاعدة قوية للقطاع الخاص، ولجعل البحرين جاذبة للاستثمارات العالمية، ولتعديل قوانين النقد والمالية حتى صارت بيئة مالية مثمرة، فحصدت مركزا إقليميا لها في المنطقة على مستوى القطاع المصرفي، كل ذلك لم يصفق له الطرفان المتحاربان، بل راحوا يعرقلون خطواتها بين الحين والآخر، وأبرز من قاد تلك الحرب الضروس، هو رئيس الوزراء خصوصا بعد أن وجد وزاراته المقاومة للتغير، تُهدد بإعادة هيكلتها، لتكون مؤاتية للمناخ الإصلاحي.