ولي العهد التمرد أو الانتظار الممل
2013-07-22 - 12:52 ص
مرآة البحرين (خاص): تبدو شخصية ولي العهد، مترددة إلى حد الملل، يشبه شيئاً تنتظره، لكنه لا يأتيك، فتظل تنتظره، لكنه لا يأتيك، فتمل الانتظار، ثم يأتيك في صورة شخص يحبطك. شخصية ولي العهد تكاد تتطابق مع هذا الشخص.
بعد غياب تام منذ 16 مارس، انتظره الناس، حين فتح مجلسه الأسبوعي، فلم يظهر على المسرح السياسي، وانتظره الناس نائباً لرئيس الوزراء، فلم يظهر كصاحب منصب سياسي ولا سيادة سياسية، وأنتظره الناس في الحوار الوطني، فقال إن الوقت لم يحن بعد، انتظره الناس بعد دعوته للحوار في حوار المنامة، ففاجاءتهم وزيرة الدولة لشئون الإعلام سميرة رجب بقولها إن المعارضة أساءت للدعوة للحوار التي أطلقها ولي العهد الأسبوع الماضي في «حوار المنامة»، واستغلتها بشكل مغرض، وسوقتها إعلاميا بشكل مغلوط، عبر القول إن ولي العهد يرعى حوارا بين المعارضة والحكومة البحرينية وهذا غير صحيح. وانتظره الناس عائداً من أمريكا، فلم يفتح شنطته عن مبادرة أو مشروع أو حتى كملة. لم يحصد الناس غير خيبة الانتظار.
في زيارته البارحة للمجالس الرمضانية، دعا إلى ضرورة الابتعاد عن التعويل على ما وصفها بـ "سياسات الانعزال" في مجتمع منفتح ومتعدد مثل المجتمع البحريني الذي يستحق من الجميع العودة إلى البناء من خلال السياسات التوافقية".
هذه الدعوة تثير التململ الفاقد لفرط ما فيها من استهلاك روتيني، خصوصا إذا ما شاهدنا فيديو الزيارة الذي يظهر موكبه محفوفا ببشوت القبيلة، وعلى الجنبة الأخرى ترى امتهان الناس الذين ينتظرون استقباله وفق ترتيبات احتفالية.ويتخلل ذلك كلام إنشائي عام يؤديه المذيع نيابة عنه.
زيارات ولي العهد الرمضانية، في العام الذي تلا قانون السلامة الوطنية حرك انتظارات كثيرة، لكنها بدت هذا العام لا طعم لها ولا لون ولا رائحة، إنها غير قادرة على أن تبدد ذرة من الإحباطات التي يعيشها الناس. وهي من جانب آخر جزء من أدوات النظام القديم، لم تعد هذه المجالس التي يزورها، تمثل إرادة الناس في الشارع، وما يقال له فيها، ليس ما يجب أن يسمعه.
يتحدث ولي العهد عن "السياسات التوافقية" ككلشيهة لا تعني شيئا، فمنذ متى تعترف العائلة المالكة بنظام التوافق، لم تعرف غير نظام الفرض والإذعان والسمع والطاعة، دوماً هي صاحبة الأمر والفرض والآخرين أصحاب الخضوع والطاعة والسمع. لقد فرضت ذلك بالقوة، وما يفرض بالقوة ليس توافقا، بل خضوعا، وفي 14 فبراير تغيرت المعادلة، لم تعد الكلمات والوعود تعني شيئاً، وفي 14 أغسطس، لن يعني الانتظار شيئاً.
المعارضة يقترب خطابها من التطابق مع الشارع، وخطاب ولي العهد يقترب من التطابق مع موروث العائلة (تركة الغزو) واستحقاقاته، سيكون الاستقطاب بعد 14 أغسطس حاداً جداً، بين استحقاقات تركة غزو القبيلة واستحقاقات التمرد عليها.
يكاد فقد ولي العهد دوره السياسي وغدا بمنصب لكن بلا سيادة، وتآكلت مشاريعه الاقتصادية، ويهمس تجار أنه يتفرج ببلاهة، لا سياسة ولا اقتصاد ولا شارع يعول عليه، ولعله من المفيد أن نذكر ولي العهد بمقولة الفرنسي جول فيري"حيث السيادة السياسية تكون السيادة الاقتصادية" ومن لا سيادة له لا يعول عليه.
وفوق كل ذلك ظهر في تصريحاته الأخيرة بلا خطاب يميزه عن أجنحة التأزيم. هكذا غدا بلا سيادة سياسية وبلا سيادة اقتصادية وبلا خطاب. وبعد 14 أغسطس ربما يكون لا أحد.