رئيس الوزراء على طريقة المراهق الصبياني: علاقتنا وياكم هي القانون
2013-07-11 - 9:44 ص
مرآة البحرين (خاص): هكذا إذاً، دون اكتراث بالدستور ولا بالقانون ولا بالدولة ولا بالعدالة بين المواطنين، ودون احترام المنصب الأكثر حساسية في الدولة، والأكثر حاجة للنطق عن خطاب ناضج ومسؤول، يأتي رئيس الوزراء الذي يمسك بمفاصل حكومة البحرين منذ 42 عاماً، إلى مبارك بن حويل، المتهم الأول في قضايا تعذيب الكادر الطبي وشاهد الزور في المحاكم العسكرية التي ثبت بطلان أحكامها وتهمها، يأتيه شخصياً ليطمئنه وقبيلته: "هذا ولدنا.. أي شي من القوانين ما حد يطبقها عليكم، حنا علاقتنا وياكم، واللي يطبقها عليكم يطبقها علينا..ولا بمسكم شي. حنا لكم".
"حنا"، أي نحن، قبيلة آل خليفة التي يتربع على رأسها الملك وولي العهد والمتحدث بالنيابة عنهم هنا: رئيس الوزراء.
"وياكم"، تتضمن القبيلة التي ينحدر منها المعذِّب بن حويل، والتي لها أصول في قطر والسعودية وأبوظبي وفق ما ذَكر في الشريط المصور، ووفق ما رأينا من مقبلي الأيدي وهم يعرفون بأنفسهم.
"علاقتنا وياكم" هي التي تحدد حصة القوانين التي تطبق أو لا تطبق في هذه الجزيرة المحكومة بنظام يدعي أنه راع للقانون والعدالة والمساواة، وأن سيادة القانون فوق كل سيادة، وأن لا أحد فوق القانون.
عبر هذه العبارة "علاقتنا وياكم"، يلخص رئيس الوزراء، من حيث لم يقصد، كل المأزق الذي يعيشه هذا البلد الصغير، والسبب الرئيس لتوالي الحركات الاحتجاجية في البحرين كل بضعة أعوام، لأنه بلد يُدار وفق مستوى "العلاقة بالقبيلة"، لا وفق القوانين ولا التشريعات ولا الحقوق العامة المتساوية بين المواطنين. والحركات الاحتجاجية التي لا تتوقف في البحرين، وآخرها حركة 14 فبراير 2011 كلها تطالب بشراكة حقيقية للمواطن، خاضعة لمنطق الاستحقاق الوطني لا الاستحقاق وفق العلاقة بالقبيلة.
"علاقتنا وياكم" هي الشرعية التي تعتمدها القبيلة في إدارة أمور الدولة، وهي التي تحدد موقع الأفراد والجماعات في الدولة، من حيث توزيع المناصب والوظائف والثروات والهبات والعطايا والامتيازات، أو الحرمان منها، كلها تعتمد على نوع "علاقتنا وياكم"، هي التي ترفع أو تضع، تعاقب أو تكافئ، تعزل أو تعين، تصدر حكماً بالبراءة لقاتل أو تصدر حكماً بالاعدام لبريء، تعين وزيراً أو تعين ناطوراً، تفرز بين من تُنتَهَك حرماته وبين من لا يُمس، تصنفك خائناً أو شريفاً، عميلاً أو وطنياً، تسحب جنسيتك الأصل أو تمنحك جنسية جديدة، كل هذه تحددها بكل بساطة: "علاقتنا وياكم".
ينص الدستور على أن "العدل أساس الحكم"، لكن خليفة بن سلمان يعلنها بلا مواربة: "علاقتنا وياكم" هي أساس الحكم. فـ"حنا"، أي القبيلة، هي الوطن والدولة والقانون.
لو أن مسؤولاً صغيراً نطق بهذه العبارة في دولة تحترم الإنسان أو القانون (ومن المؤكد أنها لن تحدث في مثل هذه البلدان)، لما بقي هذا المسؤول مسؤولاً بعدها، فالفضيحة أكبر من أن تمر، لكنها قيلت في دولة تتعمد استفزاز مشاعر شعبها، وتتعمد إخبارهم أن القانون، إنما يحدده رضا القبيلة أو غضبها، وهو ما يدركه الجميع جيداً، لكن لم يسبق أن نطق هكذا بكل هذا المستوى من الاستهتار المراهق والصبياني.
يعلم هذا المراهق الذي يكاد ينهي العقد السابع من عمره (مواليد 1935م)، أن الكاميرات تلتقط كل ما يقول وما يفعل، وأن هذا الفيديو سينشر ويشاهده الجميع من مؤيديه ومن معارضيه، لهذا تعمّد توصيل رسائل الاستفزاز، كما هو أسلوبه الذي يكرره منذ أكثر من عامين ونصف، بطريقة ينقصها النضج الشخصي، فضلاً عن رصانة المنصب السياسي، وذلك انتقاماً من المطالبين بتنحيه عن منصب رئاسة الوزارء.
رئيس الوزراء بطريقته الصبيانية المراهقة، أراد توصيل 3 رسائل لـ3 أطراف. الأولى إلى المعذِبين (أبنائه): نحن القانون ولن يمسكم شيء. الثانية إلى مواليه: انظروا، نحن لا نتخلى عن من يعمل إلينا إنه محمي بنا. والثالثة إلى المعارضين: نحن الدولة سنرفعهم ونضعكم.
ولكي يمعن المراهق في استفزاز من يرفضون شرعية القبيلة ويطالبون بشرعية الدولة، سيكرر شكره للمعذِّب أمام الكاميرات: "أنا ياي أشكرك على صبرك وعلى عملك الطيب. الإنسان يظهره عمله، وعملكم كلكم هذي العائلة سبب سمعتكم. حنا أهلكم"